والشدّ منهمر والماء منحدر |
والقصب مضطمر والمتن ملحوب (١) |
جمع المؤتلف والمختلف :
قال العسكري : «هو أن يجمع في كلام قصير أشياء كثيرة مختلفة أو متفقة» (٢) ، كقوله تعالى :(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ)(٣). ومنه قول امرئ القيس :
سماحة ذا وبرّ ذا ووفاء ذا |
ونائل ذا إذا صحا وإذا سكر |
وقول أبي تمام :
غدا الشّيب مختطّا بفوديّ خطّة |
سبيل الردى منها الى النّفس مهيع |
|
هو الزور يجفى والمعاشر يجتوي |
وذو الإلف يقلى والجديد يرقّع |
وسمّاه التّبريزي «جمع المؤتلفة والمختلفة» ولم يعرّفه (٤) واكتفى ببيت امرئ القيس مثالا. وفعل مثله البغدادي وقال : «ويقال إنّه لم يجمع واحد في بيت واحد جماعة أشياء قبله» (٥).
وسمّاه المصري «جمع المختلفة والمؤتلفة» ، وقال : «والذي أقول في هذه التسمية إنّها عبارة عن أن يريد الشاعر التسوية بين ممدوحين فيأتي بمعان مؤتلفة في مدحهما ويروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر بزيادة فصل لا ينقص بها مدح الآخر فيأتي لأجل الترجيح بمعان تخالف معاني التسوية» (٦). ومنه قوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ. فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً)(٧).
ومنه قول الخنساء في أخيها وقد أرادت مساواته بأبيها مع مراعاة حقّ الوالد بزيادة فضل لا ينقص بها حق الولد :
جارى أباه فأقبلا وهما |
يتعاوران ملاءة الحضر |
|
وهما وقد برزا كأنّهما |
صقران قد حطّا الى وكر |
|
حتى إذا نزت القلوب وقد |
لزّت هناك العذر بالعذر |
|
وعلا هتاف الناس أيّهما |
قال المجيب هناك : لا أدري |
|
برقت صحيفة وجه والده |
ومضى على غلوائه يجري |
|
أولى فأولى أن يساويه |
لو لا جلال السنّ والكبر (٨) |
قال المصري : «وأول من فتح باب هذا المعنى فيما أظن زهير حيث قال :
هو الجواد فإن يلحق بشأوهما |
على تكاليفه فمثله لحقا |
|
أو يسبقاه على ما كان من مهل |
فمثل ما قدّما من صالح سبقا |
لكنّ لشعر الخنساء من الفضل في هذا المعنى ما ليس لغيره وتداول الناس هذا المعنى بعدها وابتذله
__________________
(١) تضرح الحصا : تنحيه وتبعده. سابحة : تسير بلطف. غربيب : أسود. الشد : العدو والجري ، القصب : المعى.
(٢) كتاب الصناعتين ص ٤٠١.
(٣) الأعراف ١٣٣.
(٤) الوافي ص ٢٨٨.
(٥) قانون البلاغة ص ٤٥٤.
(٦) تحرير التحبير ص ٣٤٤ ، بديع القرآن ص ١٢٧.
(٧) الانبياء ٧٨ ـ ٧٩.
(٨) الحضر : الارتفاع في العدو. العذر جمع عذار.
صحيفة : بشرة جلده. الغلواء : الغلو في الجري والسرعة فيه.