الألف ومطلعها :
قد ظلّ يجرح صدري |
من ليس يعدوه فكري |
وقصيدة ابي الحسن علي بن الحسين الهمذاني التي أخلاها من الواو ومطلعها :
برق ذكرت به الحبائب |
لما بدا فالدّمع ساكب |
وللحريري :
فتنتني فجنّنتني تجنّي |
بتفنّ يفتنّ غبّ تجني |
|
شغفتني بجفن ظبي غضيض |
غنج يقتضي تفيّض جفني |
وفي البيتين حذفت الحروف المهملة ، وجاء الحريري بالحروف متصلة.
الحذو :
يقال : حذا حذوه : أي فعل فعله ، والحذو من أجزاء القافية حركة الحرف الذي قبل الردف ، يجوز ضمته مع كسرته ولا يجوز مع الفتح غيره نحو ضمة قول مع كسره قيل وفتحة قول مع فتحة قيل (١).
وقال ابن منقذ عن الحذو والاتباع : «هو أن يكون البيت على صناعة البيت الآخر» (٢) ، كما قال سحيم :
فما بيضة بات الظّليم يحفّها |
ويرفع عنها جؤجؤا متجافيا |
|
بأحسن منها حين قالت أرائح |
مع الركب أم ثاو لدينا لياليا |
تبعه على هذا الحذو قوم كثير منهم من قال :
وما قطرة من ماء مزن نقاذفت |
به جانب الجوديّ والليل دامس |
|
بأعذب من فيها وقد ذقت طعمه |
ولكنّني فيما ترى العين فارس |
ومن ذلك لكثيّر :
وما روضة بالحزن طيبة الثرى |
يمجّ جثجاثها وعرارها |
|
بأطيب من أردان عزّة موهنا |
إذا أوقدت بالمندل الرّطب نارها |
ومن ذلك قول بعضهم :
ولم أر كالمعروف أمّا مذاقه |
فحلو وأمّا وجهه فجميل |
حذاه الآخر فقال :
ومالي مال غير درع حصينة |
وأخضر من ماء الحديد صقيل |
|
وأحمر كالديباج أمّا سماؤه |
فريّا وأمّا أرضه فمحول |
والحذو في هذه الامثلة لا يريد به الاتباع في المعاني والالفاظ وإنما الأخذ باسلوب السابق. ولكنّ الأمثلة الاخرى التي ذكرها ابن منقذ تظهر الحذو في المعاني والالفاظ الى جانب الاسلوب. من ذلك قول كثيّر :
وإنّي وتهيامي بعزّة بعد ما |
تولّى شبابي وارجحنّ شبابها |
|
لكالمرتجي ماء بقفراء سبسب |
يغرّ به من حيث عنّ سرابها |
وقوله يحذو نفسه أيضا :
وإنّي وتهيامي بعزّة بعد ما |
تخلّيت مما بيننا وتخلّت |
|
لكالمرتجي ظلّ الغمامة كلّما |
تبوأ منها للمقيل اضمحلّت |
وأخذه جميل بن معمر فقال : «وإنّي وتطلابي بثينة بعد ما».
__________________
(١) اللسان (حذا) وينظر الموشح ص ٧.
(٢) البديع في نقد الشعر ص ٢١٢.