فافعل.
وحذف جملة القسم كقوله : (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً)(١) أي : والله. وحذف جوابه كقوله : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً ...)(٢) الآيات ، أي : لتبعثن.
وحذف جملة مسببة عن المذكور كقوله : (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ)(٣) أي : فعل ما فعل.
ومنه حذف جمل كثيرة كقوله تعالى : (فَأَرْسِلُونِ. يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ)(٤) أي : فأرسلوني الى يوسف لأستبصره الرؤيا ففعلوا فأتاه فقال له : يا يوسف. وهذا هو ايجاز الحذف الذي تكلم عليه البلاغيون ولكنّ السيوطي (٥) وضع له مصطلحا وسماه «الاختزال» وفصّل القول فيه تفصيلا ، وجاء بأمثلة من كتاب الله وحده.
والاختزال عند السجلماسي أحد أنواع المفاضلة وهو «قول مركب من أجزاء فيه مشتملة بجملتها على مضمون تنقص عنه بطرح جزء منها شأنه أن يصرح به» (٦) ، وهو نوعان «الاصطلام» و «الحذف».
الاختصار :
الاختصار هو الايجاز ، وقد قال عنه عياش بن صحار هو «اللمحة الدالة» حينما سأله معاوية : «ما أقرب الاختصار» (٧)؟ وهذا الاسلوب من أبرز أساليب العرب ، فقد اهتموا بالعبارة الموجزة والكلام المختصر ليسهل حفظه ويكون تأثيره في النفوس عظيما. وقد حدّد البلاغيون والنقاد أسلوب التعبير تبعا للموضوع فقال ابن منقذ وهو يتحدث عن الاسهاب والاطناب والاختصار والاقتصار : «اعلم أنّ كل واحد من هذه الأقسام له موضع يأتي فيه فيحمد فان أتى في غيره لم يحمد. فان كان في الترغيب والترهيب والاصطلاح بين العشائر والاعتذار والانذار الى الأعداء والعساكر وما أشبه ذلك فيستحب فيه التطويل والشرح.
وأما غير ذلك فيستحب فيه الاختصار والاقتصار» (٨).
ومدحت العرب التطويل والتقصير فقال الشاعر :
يرمون بالخطب الطوال وتارة |
وحي الملاحظ خيفة الرّقباء (٩) |
وقال السيوطي عن الاختصار : «الايجاز والاختصار بمعنى واحد كما يؤخذ من المفتاح وصرّح به الخطيبي. وقال بعضهم : الاختصار خاص بحذف الجمل فقط بخلاف الايجاز. قال الشيخ بهاء الدين : وليس بشيء» (١٠). وذلك لأنّ الايجاز عند البلاغيين قد يكون بحذف الكلمة أو الجملة أو الجمل وهو ما سمّوه «ايجاز الحذف».
الاختصاص :
الاختصاص من اختص فلان بالأمر وتخصص له إذا انفرد ، ويقال : خصّصه واختصه : أفرده به دون غيره (١١).
والاختصاص عند الاصوليين التخصيص ، وقد اختلفت فيه عبارات أهل العلم فقال بعضهم : «هو إخراج صورة من حكم كان يقتضيها الخطاب به لو لا التخصيص». وهو شبيه بالنسخ من حيث اشتراكهما في اللبس ومن حيث أنّ كل واحد منهما
__________________
(١) النمل ٢١.
(٢) النازعات ١.
(٣) الأنفال ٨.
(٤) يوسف ٤٥ ـ ٤٦.
(٥) معترك ج ١ ص ٣٢٣ ، الاتقان ج ٢ ص ٦٢ ، وينظر الحذف في كتاب الاشارة الى الايجاز ص ٦ وما بعدها.
(٦) المنزع البديع ص ٧٦.
(٧) الكامل ج ٢ ص ٧٠٤.
(٨) البديع في نقد الشعر ص ١٨٢.
(٩) البيان ج ١ ص ٤٤ ، كتاب الصناعتين ص ٥٨ ، زهر الآداب ج ١ ص ١١٤.
(١٠) معترك ج ١ ص ٢٩٥ ، الاتقان ج ٢ ص ٥٤ ، الروض المريع ص ١٤١.
(١١) اللسان (خصص).