السادس والعشرون : خطاب التنفير كقوله تعالى : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)(١).
السابع والعشرون : خطاب التحنن والاستعطاف كقوله تعالى : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ)(٢).
الثامن والعشرون : خطاب التحبيب كقوله تعالى : (يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ؟)(٣).
التاسع والعشرون : خطاب التعجيز كقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ)(٤)
الثلاثون : التحسير والتلهف كقوله تعالى : (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ)(٥)
الحادي والثلاثون : التكذيب كقوله تعالى : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٦).
الثاني والثلاثون : خطاب التشريف وهو كل ما في القرآن العزيز مخاطبه بـ «قل» كقوله : (قُلْ آمَنَّا)(٧).
الثالث والثلاثون : خطاب المعدوم كقوله تعالى :(يا بَنِي آدَمَ)(٨)
وذكر السيوطي هذه الوجوه (٩) ، وكان الامام الشافعي قد تحدث عن بعض هذه الوجوه فعقد أبوابا لما نزل من الكتاب العزيز عاما يراد به العام ويدخله الخصوص ، وما نزل عام الظاهر وهو يجمع العام والخصوص ، وما نزل عام الظاهر يراد به كله الخصوص (١٠) ، ولكنه ـ رضياللهعنه ـ لم يفصل جميع وجوه الخطاب.
الخطاب بالجملة الاسميّة :
تحدّث ابن الأثير والعلوي (١١) عن الخطاب بالجملة الاسمية ، ويؤتي بها لغرض خاص ، قال العلوي : «ومتى كان واردا على جهة الاسمية فإنّه ينقدح فيه معنيان» (١٢)
الأوّل : أنّ الفاعل قد فعل الفعل على جهة الاختصاص به دون غيره ، كقوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى. وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا)(١٣) فصدّر الجملة بالضمير دلالة على اختصاصه بالاماتة والاحياء والاضحاك والابكاء.
الثاني : التحقق وتمكين ذلك المعنى في نفس السامع بحيث لا يخالجه فيه ريب ، كقوله تعالى :(وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ)(١٤) ، فخاطبوا المؤمنين بالجملة الفعلية وشياطينهم بالجملة الاسمية المحققة بـ «إنّ» المشددة.
ومن ذلك قول بعضهم :
والشيب إن يظهر فإنّ وراءه |
عمرا يكون خلاله متنفّس |
|
لم ينتقص مني المشيب قلامة |
ولما بقي مني ألبّ وأكيس |
فلما كان المشيب يذم في أكثر أحواله أتى باللام المؤكدة في قوله «ولما بقي» وجعل الجملة الاسمية عوضا من الفعلية في ذلك وتأكيدا.
__________________
(١) الحجرات ١٢.
(٢) الزمر ٥٣.
(٣) مريم ٤٢.
(٤) البقرة ٢٣.
(٥) آل عمران ١١٩.
(٦) آل عمران ٩٣.
(٧) آل عمران ٨٤.
(٨) الأعراف ٢٦.
(٩) معترك الاقران ج ١ ص ٢٢٩.
(١٠) الرسالة ص ٥٣.
(١١) المثل السائر ج ٢ ص ٥٤ ، الطراز ج ٢ ص ٢٥.
(١٢) الطراز ج ٢ ص ٢٥.
(١٣) النجم ٤٣ ـ ٤٤.
(١٤) البقرة ١٤.