الخطاب بالجملة الفعليّة :
تحدث ابن الاثير والعلوي عن الخطاب بالجملة الفعلية (١) ، وقال ابن الاثير : «وإنّما يعدل عن أحد الخطابين الى الآخر لضرب من التأكيد والمبالغة.
فمن ذلك قولنا : «قام زيد» و «إنّ زيدا قائم» فقولنا : «قام زيد» معناه الإخبار عن زيد بالقيام ، وقولنا : «إنّ زيدا قائم» معناه الإخبار عن زيد بالقيام أيضا ، إلّا أنّ في الثاني زيادة ليست في الأوّل وهي توكيده بـ «إنّ» المشدّدة التي من شأنها الإثبات لما يأتي بعدها ، وإذا زيد في خبرها اللام فقيل : «إن زيدا لقائم» كان ذلك أكثر توكيدا في الإخبار بقيامه» (٢). فالغرض من الجملة الاسمية الثبوت والهدف من الجملة الفعلية التجدد ، وقد قال الرازي : «إن كان الغرض من الاخبار الاثبات المطلق غير المشعر بزمان وجب أن يكون الإخبار بالاسم كقوله تعالى : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)(٣) لأنّه ليس الغرض إلا إثبات البسط للكب ، فأما تعريف زمان ذلك فليس بمقصود. وأمّا اذا كان الغرض في الاخبار الاشعار بزمان ذلك الثبوت فالصالح له الفعل كقوله تعالى : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ)(٤). فانّ المقصود بتمامه لا يحصل بمجرد كونه معطيا للرزق بل بكونه معطيا للرزق في كل حين وأوان» (٥). ولخّص القزويني ذلك بقوله : «وفعليتها لافادة التجدد واسميتها لافادة الثبوت فان من شأن الفعلية أن تدلّ على التجدد ، ومن شأنه الاسمية أن تدلّ على الثبوت» (٦).
الخطاب العامّ :
ذكره السبكي وقال : «المقصود منه أن يخاطب به غير معين إيذانا بأنّ الأمر لعظمته حقيق بأن لا يخاطب به أحد دون أحد» (٧). كقوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ)(٨) ، وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «بشر المشائين في الظلم». وربما يخاطب واحد بالتثنية كقول :
خليليّ مرّا بي على أم جندب |
لنقضي لبانات الفؤاد المعذّب |
ثم قال السبكي : «قال الطيبي : والمراد به عموم استغراق الجنس في المفرد فهو كالألف واللام الداخلة على اسم الجنس قال : وتسميته خطابا عاما مأخوذ من قول صاحب الكشاف : «ما أصابك يا انسان» «خطاب عام».
الخيف :
خيف البعير والإنسان والفرس وغيره خيفا وهو أخيف بيّن الخيف والأنثى خيفاء إذا كانت إحدى عينه سوداء كحلاء والأخرى زرقاء (٩).
قال العلوي : «هو فن من فنون البلاغة حسن التأليف والانتظام مشتمل على ما يجوز فيه الكلم الإهمال والإعجام. وهو أن يكون الكلام من المنشور والمنظوم معقودا من جزءين إحدى كلمتي العقد منقوطة كلها والأخرى مهملة كلها. واستعارة هذا اللقب من قولهم : «فرس أخيف» إذا كان إحدى عينيه سوداء والأخرى زرقاء» (١٠).
ومثاله قول الحريري :
اسمح فبثّ السماح زين |
ولا تخب آملا تضيّف |
__________________
(١) المثل السائر ج ٢ ص ٥٤ ، الطراز ج ٢ ص ٣٠.
(٢) المثل السائر ج ٢ ص ٥٤.
(٣) الكهف ١٨.
(٤) فاطر ٣.
(٥) نهاية الايجاز ص ٤١.
(٦) الايضاح ص ٩٩ ، وينظر دلائل الاعجاز ص ١٣٢.
(٧) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٣.
(٨) الانعام ٢٧.
(٩) اللسان (خيف).
(١٠) الطراز ج ٣ ص ١٧٧.