لأنّها متضمنة لها من حيث أنّ هذه الحقائق متضمنة لها. فدلالتها عليها من جهة تضمنها إياها (١).
دلالة الخطّ :
هي إحدى الدلالات الخمس التي ذكرها الجاحظ ، وقد قالوا : «القلم أبقى أثرا» وقالوا : «القلم مطلق في الشاهد والغائب وهو للغابر الحائن (٢) مثله للقائم الراهن» (٣).
دلالة العقد :
هي إحدى الدلالات الخمس التي ذكرها الجاحظ ، قال : «وأمّا القول في العقد وهو الحساب دون اللفظ والخط فالدليل على فضيلته وعظم قدر الانتفاع به قول الله عزوجل : (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)(٤). والحساب يشتمل على معان كثيرة ومنافع جليلة ولو لا معرفة العباد بمعنى الحساب في الدنيا لما فهموا عن الله عزوجل معنى الحساب في الآخرة ، وفي عدم اللفظ وفساد الخط والجهل بالعقد فساد جلّ النّعم وفقدان جمهور المنافع واختلال كل ما جعله الله ـ عزوجل ـ لنا قواما ومصلحة ونظاما» (٥).
الدّلالة العقليّة :
قال الرازي : «وأمّا العقلية فإمّا على ما يكون داخلا في مفهوم اللفظ كدلالة لفظ البيت على السقف الذي هو جزء مفهوم البيت ولا شك في كونها عقلية لامتناع وضع اللفظ إزاء حقيقة مركّبة ولا يكون متناولا لأجزائها ، وإمّا على ما يكون خارجا عنه لدلالة لفظ السقف على الحائط فإنه لما امتنع انفكاك السقف عن الحائط عادة كان اللفظ المفيد لحقيقة السقف مفيدا للحائط بواسطة دلالة الأوّل فتكون هذه الدلالة عقلية» (٦).
دلالة اللّفظ :
هي أعلى الدلالات الخمس التي ذكرها الجاحظ منزلة ، واللفظ هو الذي يتبارى فيه الأدباء ويجولون في ميادينه (٧).
دلالة المطابقة :
هي أن يعتبر اللفظ بالنسبة الى تمام مسماه وذلك نحو دلالة الإنسان والفرس والأسد على هذه الحقائق المخصوصة فإنّها مرشدة بالوضع عند إطلاقها على معانيها المعقولة. وتختص دلالة المطابقة بأحكام كثيرة منها ثلاثة أحكام هي :
الحكم الأوّل منها : ليس يلزم في كل معنى من المعاني أن يكون له لفظ يدلّ عليه بل لا يبعد أن يكون ذلك مستحيلا ؛ لأنّ المعاني التي يمكن أن يعقل كل واحد منها غير متناهية.
الحكم الثاني : الحقيقة في وضع الالفاظ إنّما هو للدّلالة على المعاني الذهنية دون الموجودات الخارجية.
الحكم الثالث : الألفاظ المشهورة من جهة اللغة المتداولة بين الخاصة والعامة لا يجوز أن تكون
__________________
(١) مفتاح العلوم ص ٥٦ ، البرهان الكاشف ص ٩٨ ، الايضاح ص ٢١٢ ، التلخيص ص ٢٣٧ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٦٦ ، المطول ص ٣٠٣ ، الاطول ج ٢ ص ٥٤ ، الطراز ج ١ ص ٣٧ ، المنزع البديع ص ٢١٣.
(٢) الحائن : الهالك.
(٣) البيان ج ١ ص ٧٩ ، البرهان الكاشف ص ٨٣.
(٤) الانعام ٩٦.
(٥) البيان ج ١ ص ٨٠ ، البرهان الكاشف ص ٨٣.
(٦) نهاية الايجاز ص ٨ ، مفتاح العلوم ص ١٥٦ ، البرهان الكاشف ص ٩٨ ، الايضاح ص ٢١٢ ، التلخيص ص ٢٣٧ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٦٦ ، المطول ص ٣٠٣ ، الاطول ج ٢ ص ٥٤.
(٧) البيان ج ١ ص ٧٦ ، البرهان الكاشف ص ٨٣.