سيّد قلّب سبوق مبرّ |
فطن مغرب عزوف عيوف |
الرّمز :
الرّمز : تصويت خفي باللسان كالهمس ، والرمز : إشارة وإيماء بالعينين والحاجبين والشفتين ، والرمز : كلّ ما أشرت اليه مما يبان بلفظ بأي شيء أشرت اليه بيد أو بعين (١) ،
قال ابن وهب : «وأما الرمز فهو ما أخفي من الكلام ... وإنّما يستعمل المتكلم الرمز في كلامه فيما يريد طيّه عن كافة الناس والافضاء به الى بعضهم فيجعل للكلمة أو للحرف اسما من أسماء الطيور والوحش أو سائر الاجناس أو حرفا من حروف المعجم ويطلع على ذلك الموضع من يريد افهامه رمزه فيكون ذلك قولا مفهوما بينهما ، مرموزا عن غيرهما. وقد أتي في كتب المتقدمين والحكماء والمتفلسفين من الرموز شيء كثير وكان أشدهم استعمالا للرمز افلاطون» (٢).
وعدّ ابن رشيق الرمز من أنواع الإشارة وقال : «ومن أنواعها الرمز كقول أحد القدماء يصف امرأة قتل زوجها وسبيت :
عقلت لها من زوجها عدد الحصى |
مع الصبح أو مع جنح كلّ أصيل |
يريد : أنّي لم أعطها عقلا ولا قودا بزوجها إلا الهمّ الذي يدعوها الى عد الحصى.
ومن مليح الرمز قول أبي نواس يصف كؤوسا ممزوجة فيها صور منقوشة :
قرارتها كسرى وفي جنباتها |
مها تدّريها بالقسيّ الفوارس |
|
فللخمر ما زرّت عليه جيوبها |
وللماء ما دارت عليه القلانس |
يقول إنّ حدّ الخمر من صور الفوارس التي في الكؤوس الى التراقي والنحور وزبد الماء فيها مزاجا فانتهى الشراب الى فوق رؤوسها. ويجوز أن يكون انتهاء الحباب الى ذلك الموضع لما مزجت فأزبدت.
والأول أملح ، وفائدته معرفة حدّها صرفا من معرفة حدّها ممزوجة» (٣).
وتابع البلاغيون ابن رشيق في عدّ الرمز من الاشارة والكناية فقال عبد القاهر : «وكذلك إثباتك الصفة للشيء تثبتها له اذا لم تلقه الى السامع صريحا وجئت اليه من جانب التعريض والكناية والرمز والاشارة كان له من الفضل والمزية ومن الحسن والرونق ما لا يقل قليله ولا يجهل موضع الفضيلة فيه» (٤).
وتتفاوت الكناية عند السكاكي الى تعريض وتلويح ورمز وإيماء وإشارة قال : «وإن كانت ذات مسافة غريبة مع نوع من الخفاء كنحو «عريض القفا» و «عريض الوسادة» كان اطلاق اسم الرمز عليها مناسبا ، لأنّ الرمز هو أن تشير الى قريب منك على سبيل الخفية» (٥).
وذكر مثل ذلك القزويني وشرّاح التلخيص (٦).
وتابعهم ابن الاثير الحلبي فقال وهو يتحدث عن الكناية : «فإن كثرت الارداف والوسائط فإنّه يكون خفيا جدا كالإلغاز والتعمية التي تراض بهما الأذهان فما وقع من هذا الباب لقصد سمّي كناية أو تعريضا إذا قارب الظهور وأما اذا أوغل في خفائه سمّي لغزا أو رمزا» (٧).
__________________
(١) اللسان (رمز).
(٢) البرهان في وجوه البيان ص ١٣٧.
(٣) العمدة ج ١ ص ٣٠٦.
(٤) دلائل الاعجاز ص ٢٣٧.
(٥) مفتاح العلوم ص ١٩٤.
(٦) الإيضاح ص ٣٢٧ ، التلخيص ص ٣٤٣ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٢٦٩ ، المطول ص ٤١٣ ، الاطول ج ٢ ص ١٧٦ ، شرح عقود الجمان ص ١٠٣.
(٧) جوهر الكنز ص ١٠٦.