مقدّمة الطّبعة الثّانية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذا المعجم ثمرة أعوام ، وزبدة كتب كثار ، عكفت عليها عكوف المتعبّد ، ونهلت منها كما ينهل الظّمآن ، حتّى إذا ارتويت واطمأنّت نفسي إلى ما استقرّيت ، شرعت في التّبويب والتّصنيف وأنا أطوي اللّيل والنّهار غير ملتفت إلى ما حولي من عالم مصطخب يمور ، وخلق مشت بهم الحياة وسعوا إليها راغبين. في هذا الجوّ كتبت هذا السّفر الذي أخرجه المجمع العلميّ العراقيّ في ثلاثة أجزاء ، وما إن ظهر الجزء الأوّل سنة ١٤٠٣ ه ـ ١٩٨٣ م ، حتّى انهالت عليه الطّلبات وطفق الباحثون والمهتمّون بالمصطلح البلاغيّ يسألون عن الجزءين الآخرين ، وكان توفيق الله عظيما فصدر الجزء الثاني سنة ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م وصدر الجزء الثالث سنة ١٤٠٧ ه ـ ١٩٨٧ م.
ولم تمض شهور على صدور المعجم حتّى نفد وأصبح عزيزا ، واشتدّ الطّلب عليه وحثّني المهتمّون على إعادة طبعه ، وكنت أقول لهم : ليس من دأيي أن أعود إلى ما نشرت. ومضيت أصدر الكتب الجديدة ومنها «معجم النّقد الأدبيّ القديم» الذي أصدرته وزارة الثّقافة والإعلام سنة ١٤٠٩ ه ـ ١٩٨٩ م في جزءين ..
وزاد الإلحاح وعرض عليّ في عمّان أن أعيد طبعه وكان موقفي ثابتا ، وعدت إلى بغداد فإذا برسالة كريمة بعث بها الأستاذ الدّكتور جورج متري عبد المسيح عارضا أن أعيد طبع المعجم في «مكتبة لبنان» الشّهيرة بإخراج المعاجم الأنيقة الدّقيقة ، فأذعنت للأخ الكريم وللدار العامرة ، وقلت هذه نعمة من نعم الله «لا يلقّاها إلّا ذو حظّ عظيم».
لقد مرّت على صدور المعجم سنوات لم أجد فيها جديدا يغيّر قديما ، وها أنا أعيد طبعه كما صدر في الطّبعة الأولى ، وكلّي أمل أن ألقى النّقد والتّوجيه بعد أن نلت التّقريظ والمديح.