السين
السّؤال والجواب :
ذكره الوطواط وقال : «تكون هذه الصنعة بأن يرد في البيت أو البيتين سؤال وجوابه» (١). ومنه قول الباخرزي :
قد قلت لها هجرتني ما العلّه؟ |
صدّت وتمايلت وقالت قل له |
وقال : «والفرس يقدّرون صنعة السؤال والجواب حقّ قدرها ويستعملونها في القصيدة من مطلعها الى نهايتها على نسق واحد».
وذكر الرازي هذا الفن ولم يعرّفه ومثّل له بقول الباخرزي : «قد قلت لها ...» (٢) ومثّل له الحلبي والنويري (٣) بقول أبي نواس :
لك جسمي تعلّه |
فدمي لم تحلّه |
|
قال إن كنت مالكا |
فلي الأمر كلّه |
وقال ابن قيّم الجوزيّة : «هو أن يحكي كلاما بـ «قال» ثم يجيبه بـ «قال» أيضا» (٤) ، وهو في القرآن الكريم كثير منه قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ، قالُوا : أَتَتَّخِذُنا هُزُواً؟ قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ؟ قالَ : إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ. قالُوا : ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها؟ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ. قالُوا : ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ. قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)(٥).
ومنه قول امرئ القيس :
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة |
فقالت لك الويلات إنّك مرجلي |
|
فقلت لها سيري وارخي زمامه |
ولا تمنعينا من جناك المعلّل |
وقال الحموي إنّه المراجعة وهي : «أن يحكي المتكلّم مراجعة في القول ومحاورة في الحديث بينه وبين غيره بأوجز عبارة وأرشق سبك وألطف معنى وأسهل لفظ أما في بيت أو في ابيات» (٦).
وقال المدني عن المراجعة : «وسمّاها جماعة منهم الإمام فخر الدين الرازي : السؤال والجواب ... وقال الشيخ صفي الدين الحلي في شرح بديعيته : وذكر ابن أبي الاصبع أنّ هذا النوع من مخترعاته وقد وجدناه في
__________________
(١) حدائق السحر ص ١٥٩.
(٢) نهاية الايجاز ص ١١٤.
(٣) حسن التوسل ص ٢٥٥ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٣٦.
(٤) الفوائد ص ١٦٩.
(٥) البقرة ٦٧ ـ ٧١.
(٦) خزانة الادب ص ٩٩.