وذي لجب لا ذو الجناح أمامه |
بناج ولا الوحش المثار بسالم |
|
تمرّ عليه الشمس وهي ضعيفة |
تطالعه من بين ريش القشاعم |
فاومأ الى المعنى ايماء.
السّبر والتّقسيم :
السّبر : التّجربة. وسبر الشي سبرا. حزره وخبره ، والسّبر : استخراج كنه الأمر (١). وقال الشريف الجرجاني : «السبر والتقسيم كلاهما واحد وهو إيراد أوصاف الأصل أي المقيس عليه وإبطال بعضها ليتعين الباقي للعلية كما يقال علة الحدوث في البيت اما التأليف او الامكان ، والثاني باطل بالتخلف لأنّ صفات الواجب ممكنة بالذات وليست حادثة فتعين الأول» (٢) ، وقال : «السبر والتقسيم : هو حصر الأوصاف في الاصل والغاء بعض ليتعين الباقي للعلية كما يقال : علة حرمة الخمر إمّا الإسكار أو كونه ماء العنب او المجموع وغير الماء وغير الإسكار لا يكون علة بالطريق الذي يفيد إبطال علة الوصف فتعين الإسكار للعلة» (٣).
وتحدّث السّيوطي عنه وقال : «من الأنواع المصطلح عليها في علم الجدل السبر والتقسيم» (٤) ومن أمثلته في القرآن الكريم قوله تعالى : (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ ، قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ ، قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ ، أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(٥). فان الكفّار لما حرّموا ذكور الأنعام تارة وإناثها أخرى ردّ تعالى ذلك عليهم بطريق السبر والتقسيم فقال : إنّ الخلق لله خلق من كل زوج مما ذكر ذكرا وأنثى فمم جاء تحريم ما ذكرتم؟ وما علته؟ ولا يخلو إما أن يكون من جهة الذكورة أو الأنوثة او اشتمال الرحم الشامل لهما أو لا يدرى له علة وهو التعبدي بأن أخذ ذلك عن الله ، والأخذ عن الله إما بوحي أو إرسال رسول أو سماع كلامه ومشاهدة تلقي ذلك عنه ، وهو في معنى قوله : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا.) فهذه وجوه التحريم لا تخرج عن وجه منها : والأول يلزم عليه أن تكون جميع الذكور حراما ، والثاني يلزم عليه أن تكون جميع الإناث حراما ، والثالث يلزم عليه تحريم الصنفين معا ، فبطل ما فعلوه من تحريم بعض في حالة وبعض في حالة ، لأنّ العلة على ما ذكر تقتضي إطلاق التحريم والأخذ عن الله بلا واسطة باطل ولم يدّعوه ، وبواسطة رسول كذلك لانه لم يأت اليهم رسول قبل النبي صلىاللهعليهوسلم ـ واذا بطل جميع ذلك ثبت المدعى وهو أنّ ما قالوه افتراء على الله وضلال.
السّبك :
سبك الذهب والفضة ونحوه من الذائب يسبكه ويسبكه سبكا وسبّكه : ذوّبه وأفرغه في قالب ، السّبك تسبيك السبيكة من الذهب والفضة يذاب ويفرغ في مسبكة من حديد كأنها شق قصبة والجمع السبائك (٦).
تحدّث ابن منقذ عن الفكّ والسبك في باب واحد وقال : «أمّا الفكّ فهو أن ينفصل المصراع الأوّل من المصراع الثاني ولا يتعلّق بشيء من معناه» مثل قول زهير :
__________________
(١) اللسان (سبر).
(٢) التعريفات ص ١٠٢.
(٣) التعريفات ص ١٠٣ ، وينظر الروض المريع ص ١٣٠.
(٤) معترك ج ١ ص ٤٦٠.
(٥) الأنعام ١٤٣ ـ ١٤٤.
(٦) اللسان (سبك).