الثاني : كقول بعض الأعراب :
وريحها أطيب من طيبها |
والطّيب فيه المسك والعنبر |
وقول بشار :
وإذا أدنيت منها بصلا |
غلب المسك على ريح البصل |
الثالث : كقول الأعرابي :
ولم يك أكثر الفتيان مالا |
ولكن كان أرحبهم ذراعا |
وقول أشجع :
وليس بأوسعهم في الغنى |
ولكنّ معروفه أوسع |
ولم يبيّن القزويني هذه الأقسام الثلاثة واكتفى بالأمثلة ، ولكنّ العلوي قال عن الوجه الاول : «أن تكون السرقة مقصورة على المعنى لا غير ، من غير إيراد لفظ ما سرق منه. وهذا أدقّ السرقات مسلكا وأحسنها صورة وأعجبها مساقا» ومثاله قول بعض أهل الحماسة :
لقد زادني حبّا لنفسي أنني |
بغيض الى كلّ امرىء غير طائل |
فقد أخذ المتنبي هذا المعنى واستخرج منه ما يشبهه من جهة معناه ولم يورد شيئا من ألفاظه ولكنه عوّل فيه على المعنى وقصره عليه ، قال :
وإذا أتتك مذمّتي من ناقص |
فهي الشّهادة لي بأني كامل |
وقال العلوي عن الوجه الثاني : «أن تكون السرقة بأخذ المعنى وشيء يسير من اللفظ» كقول حسان بن ثابت يصف الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ويمدحه :
ما إن مدحت محمدا بمقالتي |
لكن مدحت مقالتي بمحمد |
أخذه أبو تمام فأكمل معناه واسترق شيئا من لفظه على القلة ، فقال :
ولم أمدحك تفخيما لشعري |
ولكنّي مدحت بك المديحا |
وقال عن الوجه الثالث : «أن يؤخذ بعض المعنى» كقول بعض الشعراء :
عطاؤك زين لامرىء إن حبوته |
ببذل وما كلّ العطاء يزين |
|
وليس بشين لامرىء بذل وجهه |
اليك كما بعض السؤال يشين |
أخذه أبو تمام ونقص من معناه بعض النقصان فقال :
تدعى عطاياه وفرا وهي إن شهرت |
كانت فخارا لمن يعفوه مؤتنفا |
|
ما زلت منتظرا أعجوبة زمنا |
حتى رأيت سؤالا يجتني شرفا (١) |
السّهولة :
السهل نفيض الحزن ، والسهولة ضد الحزونة ، والسهل كل شيء الى اللين وقلة الخشونة. يقال :سهل سهولة وسهّله : صيّره سهلا (٢).
أدخل المتأخّرون السهولة في بديعياتهم وقال الحموي : «السهولة ذكرها التيفاشي مضافة الى باب الظرافة وشركها قوم بالانسجام. وذكرها ابن سنان الخفاجي في كتاب «سر الفصاحة» فقال في مجمل كلامه : «هو خلوص اللفظ من التكلف والتعقيد والتعسف في السبك». وقال التيفاشي : «السهولة أن يأتي الشاعر بألفاظ سهلة تتميز على ما سواها عند من له أدنى ذوق من أهل الأدب. وهي تدلّ على رقة الحاشية وحسن الطبع وسلامة الرويّة (٣).
__________________
(١) الطراز ج ٣ ص ١٩٢ ، وما بعدها.
(٢) اللسان (سهل).
(٣) خزانة الأدب ص ٤٥٤ ، نفحات ص ٣١١.