الطاء
الطّاعة والعصيان :
طاع يطاع وأطاع : لان وانقاد ، وأطاعه إطاعة وانطاع له كذلك. وقد طاع له يطوع إذا انقاد له ، فاذا مضى لأمره فقد أطاعه ، فاذا وافقه فقد طاوعه.
والطاعة : اسم من أطاعه طاعة» (١). والعصيان خلاف الطاعة.
قال ابن منقذ : «اعلم أنّ هذا الباب يمتحن به العالم والناقد وتعرف به فضيلة الكاتب والشاعر وهو أن يريد البيت على ما تقتضيه صناعة النقد فلا يوافقه الوزن فيأتي بما لا يخرج عن الصناعة. ذكر الشيخ أبو العلاء احمد بن سليمان المعري في كتابه المعروف باللامع العزيزي في ديوان شعر المتنبي في قوله :
يردّ يدا عن ثوبها وهو قادر |
ويعصي الهوى في طيفها وهو راقد |
قال : أوجبت عليه الصناعة أن يقول : يردّ يدا عن ثوبها وهو مستيقظ فلم يطاوعه الوزن فلم يخرج عن الصنعة قوة وقدرة فقال : «قادر» وهو عكس «راقد» في الصورة والمعنى ، أمّا في الصورة فهو من جناس العكس وأمّا في المعنى فانّ الراقد عاجز وهو ضد القادر فتمّ له الطباق صورة ومعنى وهذا من الافراد الأفذاذ» (٢).
وأشار البلاغيون الى أنّ أبا العلاء استنبط هذا الفن عند نظره في شعر المتنبي (٣) ، ونقلوا تعريفه ومثاله ، ولذلك قال المصري : «هذا كلام المعري على هذا البيت ، وهذا المعنى من البديع ولم يأت بشاهد غيره وتبعه الناس بعد فأثبتوا هذا الباب وتكلموا فيه بمثل هذا الكلام واستشهدوا بهذا البيت ولم يأت أحد منهم بغيره وأضربوا جميعهم عن النظر فيه إما لحسن ظنهم بالمعري وموضعه من الأدب واعتقادهم فيه العصمة من الخطأ والسهو فيه وإما أن يكونوا قد مرّ عليهم ما مرّ عليه في هذا البيت» (٤). وأبدى المصري رأيه في البيت فقال :
والذي ذهب عليهم أنّ البيت ليس فيه شيء أطاع الشاعر ولا شيء عصاه ، ودليل ذلك أنّ قول المعري إنّ المتنبي أراد مستيقظا ليحصل منها ومن لفظة «راقد» طباق فعصته لفظة مستيقظ لامتناعها من الدخول في هذا الوزن فيحكم على المتنبي لأنّه لو أراد أن يكون في بيته طباق فحسب كان له أن يقول : يردّ يدا عن ثوبها وهو ساهر أو ساهد ، ويحصل له غرضه من الطباق بالجمع بين «ساهر» و «راقد» ولا يكون عصاه شيء وأطاعه غيره ، وإنّما المتنبي قصد أن يكون في بيته طباق وجناس فعدل
__________________
(١) اللسان (طوع).
(٢) البديع في نقد الشعر ص ١٧٥.
(٣) تحرير التحبير ص ٢٩٠ ، بديع القرآن ص ١٠٩ ، حسن التوسل ص ٢٧١ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٤٦ ، جوهر الكنز ص ٢٥٠ ، خزانة الأدب ص ٤١٨ ، شرح عقود الجمان ص ١٥٦ ، أنوار الربيع ج ٦ ص ١٧ ، نفحات ص ٢٩٠ ، شرح الكافية ص ٣٠١.
(٤) تحرير التحبير ص ٢٩٠.