الطّباق المعنويّ :
هو مقابلة الشيء بضده في المعنى لا في اللفظ (١) ، وقد تقدّم في التضادّ.
الطّرد والعكس :
الطّرد : الإبعاد ، والطرد : الشّلّ ، وطردت الرجل : اذا نحيته ، واطّرد الشيء : تبع بعضه بعضا وجرى ، واطّرد الأمر : استقام ، واطّرد الكلام : اذا تتابع.
وعكس الشيء يعكسه عكسا فانعكس : رد آخره على أوله (٢).
قال ابن الأثير : «هو أن يجعل المشبه به مشبها والمشبه مشبها به ، وبعضهم يسميه غلبة الفروع على الاصول» (٣).
وهو التشبيه المعكوس والمقلوب والمنعكس ، وقد تقدم في التشبيه ، ولكنّ السيوطي عرّفه تعريفا آخر فقال : «قال الطيبي هو أن يأتي بكلامين يقرر الأول بمنطوقه مفهوم الثاني وبالعكس» (٤) كقوله تعالى : (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ) الى قوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ)(٥). فمنطوق الأمر بالاستئذان في تلك الاوقات خاصة مقرر لمفهوم رفع الجناح فيما عداها وبالعكس. ومنه قوله تعالى : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ)(٦) ثم قال السيوطي : «وهذا النوع يقابله في الايجاز نوع الاحتباك».
طرفا التّشبيه :
الطّرف : الناحية من النواحي والطائفة من الشيء ، والجمع أطراف (٧). يطلق على المشبّه والمشبّه به اسم «طرفي التشبيه» وهما الركنان الأساسيان في التشبيه وينقسم باعتبارهما الى أربعة أقسام :
الأوّل : أن يكونا حسيين ، والمراد بالحسي ما يدرك هو أو مادته باحدى الحواس الخمس الظاهرة ـ البصر والسمع والشم والذوق واللمس ـ ومن ذلك قوله تعالى : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)(٨).
ومنه قول الشاعر :
وكأنّ أجرام السماء لوامعا |
درر نشرن على بساط أزرق |
وقول الآخر :
لها بشر مثل الحرير ومنطق |
رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر |
الثاني : أن يكونا عقليين لا يدرك واحد منهما بالحسّ بل بالعقل كتشبيه العلم بالحياة ، والجهل بالموت ، والفقر بالكفر.
الثالث : تشبيه المعقول بالمحسوس كقوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ)(٩) ، وقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ)(١٠).
الرابع : تشبيه المحسوس بالمعقول ، ومنعه بعضهم لأنّ العقل مستفاد من الحس. قال الرازي : «إنّه غير جائز لأنّ العلوم العقلية مستفادة من الحواس ومنتهية اليها ولذلك قيل : «من فقد حسا فقد عقلا». واذا كان المحسوس أصلا للمعقول فتشبيهه به يكون جعلا
__________________
(١) أنوار الربيع ج ٢ ص ٣٩.
(٢) اللسان (طرد) و (عكس).
(٣) المثل السائر ج ١ ص ٤٢١.
(٤) معترك ج ١ ص ٣٦٨ ، شرح عقود الجمان ص ١٣٤ ، الاتقان ج ٢ ص ٧٤ ، التبيان في البيان ص ٣٠٥.
(٥) النور ٥٨.
(٦) التحريم ٦.
(٧) اللسان (طرف).
(٨) الصافات ٤٨ ـ ٤٩.
(٩) العنكبوت ٤١.
(١٠) ابراهيم ١٨.