فما أكثر الإخوان حين تعدّهم |
ولكنّهم في النائبات قليل |
وقول الأخر :
بنفسي تلك الأرض ما أطيب الربى |
وما أحسن المصطاف والمتربّعا |
و «أفعل به» كقوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا)(١). ويأتي سماعيا كقولهم : «لله درّه عالما».
والقسم : ويكون بالواو والتاء والباء كقوله تعالى : (وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى)(٢) وقوله : (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا)(٣) ، ومثل قولنا «أقسم بالله إنّي بريء».
ومن صيغ القسم التي تأتي كثيرا «لعمر» كقوله تعالى : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)(٤).
وقول الشاعر :
لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل |
على أيّنا تعدو المنيّة أوّل |
والرّجاء ؛ وهو طلب حصول أمر محبوب قريب الوقوع ، والحرف الموضوع له «لعلّ» كقوله تعالى : (فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ، إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)(٥).
وقول ذي الرّمة :
لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة |
من الوجد او يشفي نجيّ البلابل (٦) |
أما الافعال التي تستعمل في هذا الاسلوب فهي «عسى» كقوله تعالى : (فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ)(٧) ، وقول الشاعر :
عسى الكرب الذي أمسيت فيه |
يكون وراءه فرج قريب |
و «حرى» مثل : «حرى محمد أن يقوم».
و «أخلولق» مثل : «اخلولقت السماء أن تمطر».
وتسمّى هذه الثلاثة «أفعال الرجاء».
وصيغ العقود : مثل «بعت» و «اشتريت» و «وهبت» و «قبلت». وهذه أساليب خبرية لكنّها لا يراد بها الاخبار لأنّها لا تحتمل الصدق والكذب ولذلك لم توضع مع الخبر.
ولا يهتمّ البلاغيون بهذه الأساليب الانشائية لقلة الاغراض المتعلقة بها ، ولأنّ معظمها أخبار نقلت من معانيها الاصلية ، وأما الانشاء الذي يعنون به فهو الطلبي لما فيه من تفنن في القول ولخروجه عن أغراضه الحقيقية الى أغراض مجازية (٨).
الطّيّ والنّشر :
الطيّ ، نقيض النشر ، طويته طيا وطية (٩) الطيّ والنشر هو اللفّ والنشر ، وقد سمّاه بذلك الحموي (١٠) ، ولكنّ معظم البلاغيين يسمونه : «اللف والنشر». وكان المبرد من أوائل الذين التفتوا الى هذا النوع وقال : «والعرب تلف الخبرين المختلفين ثم ترمي بتفسيرهما جملة ثقة بأنّ السامع يردّ إلى كل خبره» (١١) كقوله تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)(١٢) ،
__________________
(١) مريم ٣٨.
(٢) الضحى ١ ـ ٢.
(٣) يوسف ٩١.
(٤) الحجر ٧٢.
(٥) هود ١٢.
(٦) البلابل : جمع بلبال ، وهو الهم.
(٧) المائدة ٥٢.
(٨) البرهان في وجوه البيان ص ١١٣ ، مفتاح العلوم ص ٧٩ ، ١٤٥ ، الايضاح ص ١٣٠ ، التلخيص ص ١٥١ ، شروح التلخيص ج ٢ ص ٢٣٤ ، المطول ص ٢٢٤ ، الاطول ج ١ ص ٢٣١ ، الروض المريع ص ٧٧ ، ١٢٠ ، التبيان في البيان ص ١٣٠.
(٩) اللسان (الطي) و (النشر).
(١٠) خزانة الادب ص ٧٦.
(١١) الكامل ج ١ ص ١١٢.
(١٢) القصص ٧٣.