فانّ «كهلا» ههنا من غريب اللغة وقد روي أنّ الاصمعي لم يعرف هذه الكلمة وليست موجودة إلا في شعر بعض الهذليين وهو قوله :
فلو كان سلمى جاره أو أجاره |
رياح بن سعد ردّه طائر كهل |
وقد قيل : إنّ الكهل الضخم ، وكهل لفظة ليست بقبيحة التأليف لكنها وحشية غريبة.
الغصب :
الغصب : أخذ الشيء ظلما ، غضب الشيء يغصبه غصبا واغتصبه فهو غاصب ، غصبه على الشيء : قهره وغصبه منه ، والاغتصاب مثله (١).
الغصب أحد أنواع السرقات وذلك أن يغتصب شاعر أبيات شاعر آخر أو قوله ، وهو مثل صنيع الفرزدق بالشمردل اليربوعي وقد أنشد في محفل :
فما بين من لم يعط سمعا وطاعة |
وبين تميم غير حزّ الحلاقم |
قال الفرزدق : «والله لتدعته أو لتدعن عرضك» فقال : «خذه لا بارك الله لك فيه».
وقال ذو الرّمّة بحضرته : «لقد قلت أبياتا إنّ لها لعروضا وإنّ لها لمرادا ومعنى بعيدا» قال : «ما قلت؟» فقال : قلت :
أحين أعاذت بن تميم نساءها |
وجرّدت تجريد اليماني من الغمد |
|
ومدّت بضبعيّ الرباب ومالك |
ومرو وسالت من ورائي بنو سعد |
|
ومن آل يربوع زهاء كأنّه |
دجى الليل محمود النكاية والرمد |
فقال له الفرزدق : «إيّاك وإيّاها لا تعودنّ إليها وأنا أحق بها منك». قال : «والله لا أعود فيها ولا أنشدها أبدا إلا لك» (٢).
غلبة الفروع على الأصول :
غلبه يغلبه غلبا وغلبا ، وهي أفصح (٣).
وغلبة الفروع على الأصول هو التشبيه المعكوس أو المقلوب أو المنعكس وقد تقدم. والذي سمّاه كذلك ابن جني (٤).
الغلط :
الغلط : أن تعيا بالشيء فلا تعرف وجه الصواب فيه ، وقد غلط في الأمر يغلط غلطا ، وأغلطه غيره (٥).
قال ابن منقذ : «الغلط هو أن يغلط في اللفظ وما يغلط في المعنى» (٦). مثل قول زهير :
فينتج لكم غلمان أشأم كلهم |
كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم (٧) |
أراد أحمر ثمود وهو عاقر الناقة. وقد احتج له بعض العلماء فقال : «أراد عادا الأخرى لأنّهما عادان» كما قال الله تعالى : (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى)(٨) فدلّ على أنّ ثمود عاد الاخرى.
وكقول بعض العرب في الحماسة :
وبيضاء من نسج ابن داود نثره |
تخيّرتها يوم اللقاء الملابسا |
وإنّما الدرع من نسج داود لا سليمان.
وكان العسكري قد تحدّث عن الغلط في
__________________
(١) اللسان (غصب).
(٢) العمدة ج ٢ ص ٢٧٥ ، الرسالة العسجدية ص ٥٤.
(٣) اللسان (غلب).
(٤) الخصائص ج ١ ص ٣٠٠.
(٥) اللسان (غلط).
(٦) البديع في نقد الشعر ص ١٤١.
(٧) أشام : مشؤوم. أحمر عاد : المراد به عاقر ناقة ثمود. يريد أن يقول تلك الحرب تطول عليكم فلا يسرع في انكشافها.
(٨) النجم ٥٠.