فضل السابق على المسبوق :
عقد ابن منقذ لهذا النوع بابا (١) وقال إنه كقول حسّان بن ثابت :
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم |
ونجا برأس طمرّة ولجام |
أخذه أبو تمّام فقال :
ترك الأحبّة ناسيا لا ساليا |
عذر النسيّ خلاف عذر السّالي |
وقال حسّان :
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم |
لا يسألون عن السواد المقبل |
وقال أبو نواس :
الى بيت حان لا تهرّ كلابه |
عليّ ولا ينكرن طول ثوائي |
وهذا من باب الأخذ والسرقات.
الفكّ والسّبك :
فككت الشيء فانفك بمنزلة الكتاب المختوم تفك خاتمه ، وفككت الشيء خلصّته ، وفك الشيء يفكّه فكا فانفك : فصله.
سبك الذهب والفضة ونحوه من الذائب يسبكه ويسبكه سبكا وسبكة : ذوّبه وأفرغه في قالب.
والسبك : تسبيك السبيكة من الذهب والفضة يذاب ويفرغ في مسبكة من حديد (٢).
عقد ابن منقذ للفكّ والسّبك بابا وقال : «أما الفكّ فهو أن ينفصل المصراع الاول من المصراع الثاني ولا يتعلق بشيء من معناه» (٣) مثل قول زهير :
حيّ الديار التي لم يعفها القدم |
بلى وغيّرها الأرواح والدّيم |
«وأما السّبك فهو أن يتعلّق كلمات البيت بعضها ببعض من أوّله الى آخره» (٤) كقول زهير :
يطعنهم ما ارتموا حتى اذا اطّعنوا |
ضارب حتى اذا ما ضاربوا اعتنقا |
ولذلك قيل : «خير الكلام المحبوك المسبوك الذي يأخذ بعضه برقاب بعض».
الفواصل :
الفصل ، بون ما بين الشيئين ، والفصل من الجسد :موضع المفصل وبين كل فصلين وصل. والفاصلة : الخرزة التي تفصل بين الخرزتين في النظام ، وقد فصّل النظم ، وعقد مفصّل أي جعل بين كل لؤلؤتين خرزة (٥)
انتبه الى الفواصل الأدباء والمفسرون منذ عهد مبكر وقد ربط الخليل بينها وبين السجع فقال ؛ : «سجع الرجل اذا نطق بكلام له فواصل كقوافي الشعر من غير وزن» (٦) ، وقرنها سيبويه بالقوافي فقال : «وجميع ما لا يحذف في الكلام وما يختار فيه أن لا يحذف ، يحذف في الفواصل والقوافي» (٧) ، وذكرها الفراء باسمها فقال عن قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ)(٨) «وانما ثنّاها هنا لأجل الفاصلة ، رعاية للتي قبلها والتي بعدها على هذا الوزن. والقوافي تحتمل في الزيادة والنقصان ما لا يحتمله سائر الكلام» (٩).
وسمّاه ايضا رؤوس الايات وقال وهو يتحدث عن قوله تعالى : (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً)(١٠) ان عمر بن
__________________
(١) البديع في نقد الشعر ص ٢٠٢.
(٢) اللسان (فكك) و (سبك).
(٣) البديع في نقد الشعر ص ١٦٣.
(٤) البديع في نقد الشعر ص ١٦٣.
(٥) اللسان (فصل).
(٦) كتاب العين ج ١ ص ٢١٤.
(٧) الكتاب ج ٤ ص ١٨٤ ـ ١٨٥.
(٨) الرحمن ٤٦.
(٩) البرهان ج ١ ص ٦٥.
(١٠) النازعات ١١.