بالشعر والسجع بالمنافرة عن معنى الكلام مأخوذ من سجع الطائر» (١).
وحينما تحدّث البلاغيون عن السجع خصّوا الفواصل بالتفاتة واضحة فقال السكاكي عن السجع : «ومن جهاته الفواصل القرآنية» (٢). وقال القزويني : «وقيل إنّه لا يقال في القرآن أسجاع وإنّما يقال فواصل» (٣) ، وتبعه في ذلك شرّاح التلخيص (٤).
وعقد الزّركشي فصلا في «معرفة الفواصل ورؤوس الآي» وقال : «وهي كلمة آخر الآية كقافية الشعر وقرينة السجع» (٥). وفي هذا التعريف فصل بين السجع والفواصل. وفرّق الإمام أبو عمرو الداني بين الفواصل ورؤوس الآي وقال : «أما الفاصلة فهي الكلام المنفصل مما بعده. والكلام المنفصل قد يكون رأس آية وغير رأس ، وكذلك الفواصل يكنّ رؤوس آي وغيرها. وكل رأس آية فاصلة ، وليس كل فاصلة رأس آية ؛ فالفاصلة تعمّ النوعين وتجمع الضربين ، ولأجل كون معنى الفاصلة هذا ذكر سيبويه في تمثيل القوافي : (يَوْمَ يَأْتِ) و (ما كُنَّا نَبْغِ) ـ وهما غير رأس آيتين باجماع ـ مع (إِذا يَسْرِ)(٦) وهو رأس آية باتفاق» (٧).
ثم قال الزّركشي : «وتقع الفاصلة عند الاستراحة في الخطاب لتحسين لكلام بها وهي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام. وتسمّى فواصل لأنّه يفصل عندها الكلامان وذلك أنّ آخر الآية فصل بينها وبين وما بعدها ولم يسمّوها أسجاعا» (٨).
ولكن الجعبري لم يوافق على ما ذكر الداني وقال : «وهو خلاف المصطلح ولا دليل له في تمثيل سيبويه بـ (يَوْمَ يَأْتِ) و (كُنَّا نَبْغِ) وليس رأس آية لأنّ مراده الفواصل اللغوية لا الصناعية» (٩).
وفصّل السّيوطي في الفواصل ولخّص ما ذكره شمس الدين بن الصائغ الحنفي مع مراعاة المناسبة في كتابه «إحكام الرآي في أحكام الآي» (١٠).
ويتضح من كلام القدماء أنّ الفواصل أوسع دلالة من السجع ولذلك خصّوا بها كتاب الله وليتجنبوا مصطلح السجع الذي يتصل بالحروف المتشابهة لا المتقاربة او الوقف.
__________________
(١) بديع القرآن ص ٨٩ ، وينظر معترك ج ١ ص ٣٩.
(٢) مفتاح العلوم ص ٢٠٣.
(٣) الايضاح ص ٣٩٥ ، التلخيص ص ٤٠٠.
(٤) شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٥٢ ، المطول ص ٤٥٥ ، الأطول ج ٢ ص ٢٣٤.
(٥) البرهان ج ١ ص ٥٣.
(٦) الآيات الثلاث هي : هود ١٠٥ والكهف ٦٤ والفجر ٤.
(٧) البرهان ج ١ ص ٥٣.
(٨) البرهان ج ١ ص ٥٣.
(٩) الاتقان ج ٢ ص ٩٦ والايتان هما : هود ١٠٥ والكهف ٦٤.
(١٠) معترك ج ١ ص ٣٣ وما بعدها ، وينظر دلائل الاعجاز ص ٢٩٦.