القاف
قبح الأخذ :
قال العسكري : قبح الأخذ أن تعمد الى المعنى فتتناوله بلفظه كله أو أكثره أو تخرجه في معرض مستهجن. والمعنى إنما يحسن بالكسوة. أخبرنا بعض أصحابنا قال : قيل للشعبي : إنا إذا سمعنا الحديث منك نسمعه بخلاف ما نسمعه من غيرك.
فقال : إني أجده عاريا فأكسوه من غير أن أزيد فيه حرفا أي من غير أن أزيد في معناه شيئا» (١).
فما أخذ بلفظه ومعناه وادّعى آخذه ـ أو ادعي له ـ أنّه لم يأخذه ولكن وقع له كما وقع للأول قول طرفة :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
يقولون لا تهلك أسى وتجلّد |
وقول امرىء القيس :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
يقولون لا تهلك أسى وتجمّل |
وقول البعيث :
أترجو كليب أن يجيء حديثها |
بخير وقد أعيا كليبا قديمها |
وقول الفرزدق :
أترجو ربيع أن تجيء صغارها |
بخير وقد أعيا ربيعا كبارها |
قال العسكري : «والأخذ اذا كان كذلك كان معيبا وإن ادّعي أنّ الآخر لم يسمع قول الأول بل وقع لهذا كما وقع لذاك فإنّ صحة ذلك لا يعلمها إلا الله ـ عزوجل ـ والعيب لازم للآخر».
ومن الأخذ المستهجن أن يأخذ المعنى فيفسده أو يعوّصه أو يخرجه في معرض قبيح وكسوة مسترذلة ، ومن ذلك قول أبي كريمة :
قفاه وجه ثمّ وجه الذي |
قفاه وجه يشبه البدرا |
أخذه من قول أبي نواس :
بأبي أنت من مليح بديع |
بذّ حسن الوجوه حسن قفاكا |
وأحسن ابن الرومي فيه فقال :
ما ساءني إعراضه |
عني ولكن سرّني |
|
سالفتاه عوض |
من كلّ شيء حسن |
وسمع بعضهم قول محمود الوراق :
إذا كان شكري نعمة الله نعمة |
عليّ له في مثلها يجب الشّكر |
|
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله |
وإن طالت الأيام واتّصل العمر |
|
إذا مسّ بالسّراء عمّ سرورها |
وإن مسّ بالضّراء أعقبها الأجر |
__________________
(١) كتاب الصناعتين ص ٢٢٩.