كشفه بعضهم بقوله :
ولسّت أرجو ولست أخشى |
ما أحدثت بعده الدهور |
|
فليجهد الدهّر في مساتي |
فما عسى جهده يصير |
ويدخل هذا النوع في الأخذ والسرقات.
كشف المعنى :
وهو كشف الثاني معنى الاول وإبرازه اذا كان فيه شيء من الخفاء (١) ، وهو «الكشف» وقد تقدم.
الكلام الجامع :
جمع الشيء عن تفرقة يجمعه جمعا ، وجمعت الشيء : إذا جئت به من ههنا وههنا (٢).
قال الحلبي والنّويري : «هو أن يكون البيت كله جاريا مجرى مثل واحد» (٣) كقول زهير :
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله |
على قومه يستغن عنه ويذمم |
|
ومن لا يصانع في أمور كثيرة |
يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم |
|
ومهما تكن عند امرىء من خليقة |
وإن خالها تخفى على الناس تعلم |
وقال السّبكي : «هو أن يجيء المتكلم مثلا في كلامه بشيء من الحكمة والموعظة أو شكاية الزمان أو الأحوال» (٤).
وقال الحموي : «هو أن يأتي الشاعر ببيت مشتمل على حكمة أو وعظ أو غير ذلك من الحقائق التي تجري مجرى الامثال ويتمثل الناظم بحكمها أو وعظها أو بحالة تقتضي إجراء المثل» (٥). وعرّفه السيوطي بمثل هذا التعريف (٦) وقال المدني : «الكلام الجامع هو عبارة عن أن يأتي الشاعر ببيت يكون جملة حكمة أو موعظة أو نحو ذلك من الحقائق الجارية مجرى الامثال. هكذا قال غير واحد من البديعيين ، وقال الطيبي في التبيان : «هو أن يحلي المتكلم كلامه بشيء من الحكمة والموعظة وشكاية الزمان والاخوان» وهذا أعم من الاول» (٧). ومن ذلك قول أبي تمام :
واذا أراد الله نشر فضيلة |
طويت أتاح لها لسان حسود |
|
لو لا اشتعال النار فيما جاورت |
ما كان يعرف طيب عرف العود |
وقول الأخر :
حاول جسيمات الأمور ولا تقل |
إنّ المحامد والعلى أرزاق |
|
فارغب بنفسك أن تكون مقصّرا |
في غاية فيها الطلاب سباق |
وقول العتابي يخاطب محبوبته :
تحبين أني نلت ما نال جعفر |
من الملك أو ما نال يحيى بن خالد |
فقالت : نعم ، فقال :
وأنّ أمير المؤمنين أحلّني |
محلّهما بالمرهفات البوارد |
فقالت : لا ، فقال :
دعيني تجئني ميتتي مطمئنة |
ولم أتجشّم هول تلك الموارد |
__________________
(١) حلية المحاضرة ج ٢ ص ٩٠ ، العمدة ج ٢ ص ٢٩٠ ، البديع في نقد الشعر ص ٢١٤.
(٢) اللسان (جمع).
(٣) حسن التوسل ص ٢٤٣ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٢٨ ، وينظر حدائق السحر ص ١٨٦.
(٤) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٣.
(٥) خزانة الأدب ص ١١٣.
(٦) شرح عقود الجمان ص ١٣٤.
(٧) أنوار الربيع ج ٢ ص ٣١٨ ، نفحات ص ٧٧ ، شرح الكافية ص ١٢١.