فانّ جسيمات الامور منوطة |
بمستودعات في بطون الأساود |
ومن ذلك قول ابن دريد :
من لم يعظه الدهر لم ينفعه ما |
راح به الواعظ يوما أو غدا |
|
من لم تفده عبرا أيامه |
كان العمى أولى به من الهدى |
الكلام الموجّه :
وجّه اليه كذا : أرسله ، ووجّهت في حاجة ووجهت وجهي لله وتوجهت نحوك واليك ، وكساء موجّه : ذو وجهين (١).
قال ابن الأثير : «الموجّه أي له وجهان وهو مما يدلّ على براعة الشاعر وحسن تأتّيه» (٢). والكلام الموجّه هو القسم الثاني من أقسام تأويل المعنى ، فالاول أن يفهم منه شيء واحد لا يحتمل غيره ، والثاني أن يفهم منه الشيء وغيره ، وتلك الغيرية ضد ، والثالث أن يفهم منه الشيء وغيره وتلك الغيرية لا تكون ضدا. والأول يقع عليه أكثر الأشعار ، والثاني قليل الوقوع جدّا ، والثالث أكثر وقوعا منه وهو واسطة بين الطرفين.
ومن ذلك قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من كلام النبوّة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت». وهذا يشتمل على معنيين ضدين :
أحدهما : أنّ المراد به إذا لم تفعل فعلا تستحي منه فافعل ما شئت.
والآخر : أنّ المراد به إذا لم يكن لك حياء يزعك (٣) عن فعل ما يستحى منه فافعل ما شئت.
وهذان معنيان ضدان ، أحدهما مدح والآخر ذمّ.
ومن ذلك قول المتنبي يخاطب كافورا :
عدوّك مذموم بكلّ لسان |
ولو كان من أعدائك القمران |
|
ولله سرّ في علاك وإنّما |
كلام العدى ضرب من الهذيان |
ثم قال :
فما لك تعنى بالأسنّة والقنا |
وجدّك طعّان بغير سنان |
فإنّ هذا بالذم أشبه منه بالمدح ، لأنّه يقول : لم تبلغ ما بلغته بسعيك واهتمامك بل بجد وسعادة وهذا لا فضل فيه ؛ لأنّ السعادة تنال الخامل والجاهد ومن لا يستحقها ، واكثر ما كان المتنبي يستعمل هذا القسم في قصائده الكافوريات.
كمال الاتّصال :
هو أن تكون الجملة الثانية متصلة اتصالا تاما بالجملة الأولى (٤). وقد تقدم في الفصل والوصل.
كمال الانقطاع :
وهو من المواضع التي يجب فيها الفصل ويكون لأمر يرجع الى الاسناد أو إلى طرفيه (٥) ، وقد تقدم في الانقطاع والفصل والوصل.
كمال البيان :
قال العلوي : «إنّ لهذا الصنف من المكانة البلاغية موقعا عظيما ، وحاصله في لسان أهل البلاغة أنّه كشف المعنى وايضاحه حتى يصل الى النفوس على
__________________
(١) اللسان (وجه).
(٢) المثل السائر ج ١ ص ٣٥.
(٣) يزعك : يكفك ويزجرك وينهاك.
(٤) الايضاح ص ١٥١ ، التلخيص ص ١٨٠ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٣٠ ، المطول ص ٢٥٢ ، الاطول ج ٢ ص ٣٠.
(٥) مفتاح العلوم ص ١٢٢ ، الايضاح ص ١٥٠ ، التلخيص ص ١٧٩ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٢٥ ، المطول ص ٢٥١ ، الاطول ج ٢ ص ٧.