وهما وقد برزا كأنهما |
صقران قد حطّا الى وكر |
|
حتى إذا نزت القلوب وقد |
لزّت هناك العذر بالعذر |
|
وعلا هتاف الناس أيّهما |
قال المجيب هناك : لا أدري |
|
برقت صحيفة وجه والده |
ومضى على غلّوائه يجري |
|
أولى فأولى أن يساويه |
لو لا جلال السن والكبر (١) |
وأول من سبق الى هذا المعنى زهير بقوله :
هو الجواد فان يلحق بشأوهما |
على تكاليفه فمثله لحقا |
|
أو يسبقاه على ما كان من مهل |
فمثل ما قدّما من صالح سبقا |
وهذا النوع سمّاه المصري باب جمع المختلفة والمؤتلفة» (٢) ، وقد تقدّم.
ما لا يستحيل بالانعكاس :
هذا النوع هو الذي سمّاه السّكّاكي «مقلوب الكل» (٣) وسمّاه غيره «المقلوب المستوى» وسمّاه الحريري «ما لا يستحيل بالانعكاس» وقال : «هو أن يكون الكلام بحيث إذا قلبته أي ابتدأت به من حرفه الأخير الى حرفه الأوّل كان إياه ، وهو يقع في النثر وقد يقع في النظم». ونقل المدني هذه التسمية والتعريف (٤).
ومنه قوله تعالى : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ)(٥) وقوله :(رَبَّكَ فَكَبِّرْ)(٦).
وقول الارجاني :
مودّته تدوم لكلّ هول |
وهل كلّ مودّته تدوم |
وقول الآخر :
أراهنّ نادمنه ليل لهو |
وهل ليلهن مدان نهارا |
وقول الآخر :
عج تنم قربك دعد آمنا |
إنّما دعد كبرق منتجع |
وقول الحريري :
أسس أرملا إذا عرا |
وارع اذا المرء أسا |
ما يقرأ من الجهتين :
أفرد له ابن قيّم الجوزية قسما ومثّل له بقوله تعالى : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ)(٧) وقوله : (رَبَّكَ فَكَبِّرْ)(٨) ، وهذا من أنواع القلب وقد سمّاه السّكّاكي «مقلوب الكل» (٩) وسمّاه الحريريّ والمدني «ما لا يستحيل بالانعكاس» (١٠) وقد تقدّم. قال ابن قيم الجوزية : «وأرباب علم البيان يسمّون هذا النوع العكس والتقليب ، وهو أربعة أنواع : قلب البعض ، ومقلوب الكل ، والمجنّح ، والمستوي» (١١).
ما يوهم فسادا وليس بفساد :
قال ابن قيم الجوزية : «هو أن يقرن الناظم أو الناثر
__________________
(١) الملاءة : الثوب الرقيق. الحضر : الارتفاع في العدو. العذر : جمع عذار. صحيفة الوجه : بشرة جلده.
(٢) تحرير التحبير ص ٣٤٤ ، بديع القرآن ص ١٢٧.
(٣) مفتاح العلوم ص ٢٠٣.
(٤) أنوار الربيع ج ٥ ص ٢٨٨ ، نفحات ص ٢٥٠.
(٥) الانبياء ٣٣.
(٦) المدثر ٣.
(٧) الانبياء ٣٣.
(٨) المدثر ٣.
(٩) مفتاح العلوم ص ٢٠٣.
(١٠) انوار الربيع ج ٥ ص ٢٨٨.
(١١) الفوائد ص ٢٣٨.