أحرى بالاستعمال في غالب الظن. وفلان يتحرى الأمر : يتوخاه ويقصده ، والتحري : قصد الأولى والأحق مأخوذ من الحرى وهو الخليق. والتحري : القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول (١).
قال السّيوطي : «هذا النوع اخترعته وسميته المنتحل والمنتقل والمتحرّى ، وهو أن يختار لفظ إذا قرأه الالثغ لا يعاب عليه تحريا. وقد رأيت في ذلك بيتين في الراء لبعض الاقدمين وهما :
من شاء جمع معان قد خصصت بها |
وجاوزت كلّ حدّ لم ينل وطرا |
|
وكيف يسطاع أن تحصى فواضلها |
وزندك الفرد مهما تقتدحه ورا |
ف «وطرا» تصير «وطغا» و «ورا» تصير «وغا» (٢).
المتزلزل :
الزّلزلة والزّلزال : تحريك الشيء ، وقد زلزله زلزلة وزلزالا. وقال بعضهم : الزلزلة مأخوذة من الزلل في الرأي فاذا قيل : زلزل القوم فمعناه صرفوا عن الاستقامة وأوقع في قلوبهم الخوف والحذر (٣).
قال الوطواط : «وتكون هذه الصنعة بأن يذكر الكاتب أو الشاعر لفظا في كلامه بحيث إذا غيّر حركة من حركات حروفه تحوّل الكلام من المدح الى الهجو» (٤). ومثاله : «الله معذّب الكفار ومحرّقهم في النار» فاذا حركت الذال بالكسر في كلمة «معذب» وكذلك الراء في كلمة «محرق» كان ذلك عين الاسلام والدين الحق ، أما اذا فتحت الذال والراء وقرأت الكلمات بالفتح كان ذلك محض الكفر.
ومنه قول الوطواط نفسه :
رسول الله كذّبه الأعادي |
فويل ثم ويل للمكذّب |
فاذا نطق الذال في كلمة «المكذّب» بالكسر كان البيت مدحا للرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ واذا قرئت بالفتح انقلب المعنى الى الكفر.
وقال الرازي : «هو أن تدرج في الكلام لفظة لو غيّر إعرابها لانتقل المعنى الى ضدها» (٥). مثل : «ولّد الله عيسى من العذراء البتول» ـ بالتشديد ـ وهو حق في الاسلام ولو ذكر بالتخفيف صار كفرا.
وسمّاه ابن قيم الجوزية «المزلزل» وقال : «هو أن يكون في الكلام لفظة لو غيّر وضعها أو إعرابها تغيّر المعنى» (٦). ومن ذلك قوله تعالى : (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)(٧) لو ضمت التاء لتغير المعنى. وقوله : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(٨) لو فتحت الذال لتغير المعنى. وقوله : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ)(٩) لو فتحت الباء في (رَبُّهُ) لصار كفرا. وقوله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(١٠) لو غيّر اعراب (الْعُلَماءُ) لاختلّ المعنى.
المتشابه :
هو التجنيس المتشابه. وسمّاه المدني «الجناس المقرون» (١١) وقد تقدّم في التجنيس المتشابه.
متعارف الأوساط :
هو ما يتّفق عليه من حدّ يكون مقياسا للكلام. وقد
__________________
(١) اللسان (حري).
(٢) شرح عقود الجمان ص ١٥٧.
(٣) اللسان (زلل).
(٤) حدائق السحر ص ١٨٣.
(٥) نهاية الايجاز ص ١١٦.
(٦) الفوائد ص ١٨٠.
(٧) الفاتحة ٧.
(٨) المطففين ١٠.
(٩) البقرة ١٢٤.
(١٠) فاطر ٢٨.
(١١) أنوار الربيع ج ١ ص ٩٨.