تصير مجازا من أجل زيادته فيه ، وذلك أنّ حقيقة الزيادة في الكلمة أن تعرى من معناها وتذكر ولا فائدة لها سوى الصلة ويكون سقوطها وثبوتها سواء.
ومحال أن يكون ذلك مجازا لأنّ المجاز أن يراد بالكلمة غير ما وضعت له في الأصل أو يزاد فيها أو يوهم شيء ليس من شأنها كايهامك بظاهر النصب في القرية (١) أنّ السؤال واقع عليها ، والزائد الذي سقوطه كثبوته لا يتصور فيه ذلك. فأما غير الزائد من أجزاء الكلام الذي زيد فيه فيجب أن ينظر فيه ، فان حدث هناك بسبب ذلك الزائد حكم تزول به الكلمة عن أصلها جاز حينئذ أن يوصف ذلك الحكم أو ما وقع فيه بأنّه مجاز كقولك في قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٢) إنّ الجر في «المثل» مجاز لأنّ أصله النصب ، والجر حكم عرض من أجل زيادة الكاف ولو كانوا إذ جعلوا الكاف مزيدة لم يعملوها لما كان لحديث المجاز سبيل على هذا الكلام. ويزيده وضوحا أنّ الزيادة على الاطلاق لو كانت تستحق الوصف بأنّها مجاز لكان ينبغي أن يكون كل ما ليس بمزيد من الكلام مستحقا الوصف بأنّه حقيقة حتى يكون الأسد في قولك : «رأيت أسدا» وأنت تريد رجلا حقيقة» (٣).
ونقل الرازي هذا الكلام (٤) وتبعهما في ذلك البلاغيون (٥).
المجاز العقليّ :
هو المجاز الإسنادي ومجاز التركيب والمجاز الحكمي (٦) ، وقد تقدّم.
المجاز في الإثبات :
هو المجاز الإسنادي ومجاز التركيب والمجاز الحكمي والمجاز العقلي (٧) وقد تقدّم.
المجاز في المثبت :
هو المجاز في المفرد ، ويسمّى المجاز اللغوي (٨) ، وهو قسمان : الاستعارة والمجاز المرسل ، وقد تقدّم.
مجاز اللّزوم :
ذكر عزّ الدين بن عبد السّلام نوعا من المجاز سمّاه «مجاز اللزوم» (٩) وقال إنّه أنواع :
أحدها : التعبير بالإذن عن المشيئة لأنّ الغالب أنّ الإذن في الشيء لا يقع إلا بمشيئته الآذن واختياره ، والملازمة الغالبة مصحّحة للمجاز ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ)(١٠) أي : بمشيئة الله ، ويجوز في هذا أن يراد بالاذن أمر التكوين ، والمعنى : «وما كان لنفس أن تموت إلا بقول الله موتي».
الثاني : التعبير بالإذن عن التيسير والتسهيل في مثل قوله تعالى : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ)(١١) أي بتسهيله وتيسيره.
الثالث : تسمية ابن السبيل في قوله تعالى : (وَابْنَ
__________________
(١) أشار الى قوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (يوسف ٨٢).
(٢) الشورى ١١.
(٣) أسرار البلاغة ص ٣٨٤.
(٤) نهاية الايجاز ص ٥٦.
(٥) الإيضاح ص ٣١٧ ، التلخيص ص ٣٣٦ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٢٣١ ، المطول ص ٤٠٥ ، الأطول ج ٢ ص ١٦٦ ، الاتقان ج ١ ص ١٨٠ ، شرح عقود الجمان ص ١٠٠ ، حلية اللب ص ١٢٩ ، التبيان في البيان ص ٢٠٨.
(٦) دلائل الاعجاز ص ٢٢٧ ، ٢٣١ ، أسرار البلاغة ص ٣٥٦ ، الطراز ج ٣ ص ٢٥٧ ، التبيان في البيان ص ٢٠٨.
(٧) المصادر السابقة ونهاية الايجاز ص ٤٧ ، مفتاح العلوم ص ١٨٦.
(٨) نهاية الايجاز ص ٤٨.
(٩) الاشارة الى الايجاز ص ٧٩.
(١٠) آل عمران ١٤٥.
(١١) البقرة ٢٢١.