اذا لم تستطع شيئا فدعه |
وجاوزه الى ما تستطيع |
وقول البحتري :
أبكيكما دمعا ولو أني على |
قدر الجوى أبكي بكيتكما دما |
الازدواج :
الازدواج من أزدوج ، وازدوج الكلام وتزاوج أشبه بعضه بعضا في السجع أو الوزن ، او كان لاحدى القضيتين تعلق بالأخرى (١).
وكان الجاحظ قد عقد في «البيان والتبين» بابا سماه «من مزدوج الكلام» (٢) لم يعرّفه ، ولكن الأمثلة التي ذكرها تدل على أنّه أراد تساوي الفقرتين في الطول مع السجع ، كقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ في معاوية : «اللهم علّمه الكتاب والحساب ، وقه العذاب».
وعقد العسكري بابا في «السجع والازدواج» وقال : «لا يحسن منثور الكلام ولا يحلو حتى يكون مزدوجا» (٣). ولم يفرق بين المصطلحين ، وكأن الازدواج عنده مرتبط بالسجع أو التوازن بين العبارتين اللتين تأتيان مسجوعتين أحيانا وغير مسجوعتين أحيانا اخرى ، ولكنه يفضل أن تكونا مسجوعتين ، قال وهو يتحدث عن وجوه السجع : «والذي هو دونهما أن تكون الأجزاء متعادلة وتكون الفواصل على أحرف متقاربة المخارج إذا لم يمكن أن تكون من جنس واحد ... والذي ينبغي أن يستعمل في هذا الباب ولا بدّ منه هو الأزدواج فان أمكن أن يكون كل فاصلتين على حرف واحد أو ثلاث أو اربع لا يتجاوز ذلك كان أحسن فان جاوز ذلك نسب الى التكلف. وإن أمكن أيضا أن تكون الأجزاء متوازنة كان أجمل وإن لم يكن ذلك فينبغي أن يكون الجزء الأخير أطول على أنّه قد جاء في كثير من ازدواج الفصحاء ما كان الجزء الأخير منه أقصر ... وينبغي أيضا أن تكون الفواصل على زنة واحدة وإن لم يمكن أن تكون على حرف واحد فيقع التعادل والتوازن». وتحدث عن عيوب الازدواج ، ومن ذلك التجميع وهو «أن تكون فاصلة الجزء الأول بعيدة المشاكلة لفاصلة الجزء الثاني» ، ومن عيوبه التطويل وهو «أن تجي الجزء الأول طويلا فتحتاج الى إطالة الثاني ضرورة».
وتحدث الخفاجي عن السجع والازدواج في باب واحد (٤) ، ولكنه قسّم الفواصل الى قسمين : ضرب يكون سجعا وهو ما تماثلت حروفه في المقاطع ، وضرب لا يكون سجعا ، وهو ما تقابلت حروفه في المقاطع ولم تتماثل. ولا يخلو كل واحد من هذين القسمين أي المتماثل والمتقارب من أن يكون يأتي طوعا سهلا وتابعا للمعاني وبالضد من ذلك حتى يكون متكلفا يتبعه المعنى. فان كان من القسم الأول فهو المحمود الدال على الفصاحة وحسن البيان ، وإن كان من الثاني فهو مذموم مرفوض.
ويبدو أنّه يريد بالازدواج المتقارب أي الذي لا تتماثل حروفه في المقاطع.
وعرّفه ابن منقذ بقوله : «هو أن تزاوج بين الكلمات والجمل بكلام عذب وألفاظ عذبة حلوة» (٥). ونقل ابن قيم الجوزية هذا التعريف (٦).
وقال المصري : «هو أن يأتي الشاعر في بيته من أوله الى آخره بجمل ، كل جملة فيها كلمتان مزدوجتان ، كل كلمة إما مفردة أو جملة. وأكثر ما يقع هذا النوع في أسماء مثناة مضافة» (٧).
وأطلقه الرماني على قسم من التجانس الذي
__________________
(١) اللسان (زوج).
(٢) البيان ج ٢ ص ١١٦.
(٣) كتاب الصناعتين ص ٢٦٠.
(٤) سر الفصاحة ص ٢٠٣.
(٥) البديع في نقد الشعر ص ١١١.
(٦) الفوائد ص ٢٢٥.
(٧) تحرير التحبير ص ٤٥٢.