وقد تقدم في الاستعارة.
المسخ :
المسخ : تحويل صورة الى صورة أقبح منها ، يقال : مسخ يمسخه مسخا (١). والمسخ أحد أنواع السّرقات ، قال ابن الأثير : «وأمّا المسخ فهو إحالة المعنى الى ما دونه مأخوذا ذلك من مسخ الآدميين قردة» (٢) وقال إنّ المسخ عيب في الكلام فاحش فما جاء منه قول الشريف الرضي :
أحنّ الى ما تضمر الخمر والحلى |
وأصدف عمّا في ضمان المآزر |
وقال المتنبي :
إنّي على شغفي بما في خمرها |
لأعفّ عما في سراويلاتها |
«ألا ترى الى هذا المسخ ما أقبحه وذلك لو تأخّر زمان المتنبي عن زمان الشريف الرضي ، وبمثل ذلك يعرف التفاضل بين الشاعرين وبين الكلامين ، فقول الشريف على ما تراه من اللطافة والحسن وقول أبي الطيب على ما تراه من الرداءة والقبح» (٣).
وقال العلوي : «هو إحالة المعنى الى ما هو دونه واشتقاقه من قولهم : مسخت هذه الصورة الآدمية الى صورة القردة والخنازير فتارة تكون صورة الشعر حسنة فتنقل الى صورة قبيحة ، وهذا هو الأصل في المسخ ، وتارة تكون الصورة فبيحة فتنقل الى صورة حسنة فهذان وجهان نذكر ما يتوجّه منهما» (٤).
الوجه الأوّل : أن ينقل الأحسن من الشعر الى صورة قبيحة ، ومثاله قول ديك الجن :
بحق تعزيك ومنك الهدى |
مستخرج والصبر مستقبل |
|
تقول بالعقل رأيت الذي |
تأوي اليه وبه تعقل |
|
إذا عفا عنك وأودى بنا الد |
هر فذاك المحسن المجمل |
أخذه المتنبي فأتى به على عكس صورته وقلب أعلاه أسفله :
إن يكن صبر ذي الرزيئة فضلا |
تكن الأفضل الأعزّ الأجلا |
|
أنت يا فوق أن تعزّى عن الأ |
حباب فوق الذي يعزيك عقلا |
|
وبالفاظك اهتدى فاذا عزّا |
ك قال الذي قلت قبلا |
فالبيت الأخير هو الذي وقع فيه المسخ.
الوجه الثاني : عكس هذا ، وهو أن ينقل من صورة قبيحة الى صورة حسنة وهو معدود في السرقات ، كقول المتنبي :
لو كان ما يعطيهم من قبل أن |
يعطيهم لم يعرفوا التأميلا |
وقد أخذه ابن نباتة السعدي فأجاد فيه فقال :
لم يبق جودك لي شيئا أؤمله |
تركتني أصحب الدنيا بلا أمل |
وسمّى القزويني المسخ إغارة وقال : «وإن كان مع تغيير لنظمه أو كان المأخوذ بعض اللفظ سمّي إغارة ومسخا» (٥). وتبعه في ذلك شرّاح التلخيص (٦).
__________________
(١) اللسان (مسخ).
(٢) المثل السائر ج ٢ ص ٣٦٦ ، الجامع الكبير ص ٢٤٣.
(٣) الجامع الكبير ص ٢٤٨.
(٤) الطراز ج ٣ ص ١٩٦.
(٥) الايضاح ص ٤٠٥ ، التلخيص ص ٤١١ ، التبيان في البيان ص ٣٧٤.
(٦) شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٨٥ ، المطول ص ٤٦٤ ، الاطول ج ٢ ص ٢٤٣.