وقبر حرب بمكان قفر |
وليس قرب قبر حرب قبر |
وقول الحريري
وازورّ من كان له زائرا |
وعاف عافي العرف عرفانه |
وقسم أن ترد ألفاظ على صيغة الفعل يتبع بعضها بعضا ، كقول بعضهم :
بالنار فرّقت الحوادث بيننا |
وبها نذرت أعود أقتل روحي |
وقسم يتضمّن مضافات كثيرة كقولهم :
حمامة جرعا حومة الجندل اسجعي |
فأنت بمرأى من سعاد ومسمع |
وقسم ترد صفات متعدّدة على نحو واحد كقول المتنبي :
دان بعيد محبّ بهج |
أعزّ حلو ليّن شرس (١) |
الثاني : المعاظلة المعنوية وهي أن يقدّم ما الأولى به التأخير لأنّ المعنى يختل بذلك ويضطرب. فالمعاظلة المعنوية كتقديم الصفة أو ما يتعلق بها على الموصوف ، وتقديم الصلة على الموصول وغير ذلك. ومن ذلك قول الشاعر :
فقد والشك بيّن لي عناء |
بوشك فراقهم صرد يصيح |
وقول الآخر :
فأصبحت بعد خطّ بهجتها |
كأنّ قفرا رسومها قلما |
ومن ذلك قول الفرزدق :
الى ملك ما أمّه من محارب |
أبوه ولا كانت كليب تصاهره |
وقوله :
وما مثله في الناس إلا مملّكا |
أبو أمه حيّ أبوه يقاربه (٢) |
المعاني :
معنى كلّ شيء : محنته وحاله التي يصير اليها أمره ، والمعنى والتفسير والتأويل واحد ، وعنيت بالقول كذا :أردت. ومعنى كل كلام ومعناته مقصده (٣).
علم المعاني من المصطلحات التي أطلقها البلاغيون على مباحث بلاغية تتّصل بالجملة وما يطرأ عليها من تقديم وتأخير ، أو ذكر وحدف ، أو تعريف وتنكير ، أو قصر وخلافه ، أو فصل ووصل ، أو إيجاز وإطناب ومساواة.
وليس في كتب البلاغة الأولى إشارة الى هذا العلم ، ولا نعرف أحدا استعمله قبل السّكّاكي بمعناه المعروف. وكان الأوائل يستعملون مصطلح «المعاني» في دراساتهم القرآنية والشعرية فيقولون «معاني القرآن» أو «معاني الشعر» ويتّخذون من ذلك أسماء لكتبهم. ولعلّ عبارة «معاني النحو» التي وردت في المناظرة التي جرت بين الحسن بن عبد الله بن المرزبان المعروف بأبي سعيد السيرافي وأبي بشر متّى بن يونس في مجلس الوزير أبي الفتح بن جعفر بن الفرات ، كانت أقدم الإشارات الى هذا المصطلح بمعناه القريب من البلاغة (٤).
وعقد ابن فارس في كتابه «الصاحبي» بابا سماه «معاني الكلام» (٥) وهي عند أهل العلم عشرة : خبر واستخبار ، وأمر ونهي ، ودعاء وطلب ، وعرض وتحضيض ، وتمن وتعجب. وبذلك يكون ابن فارس
__________________
(١) البهح : الفرح. الشرس : الصعب. ينظر المثل السائر ج ١ ص ٢٩٤ ـ ٣٠٤.
(٢) المثل السائر ج ٢ ص ٤٤.
(٣) اللسان (عنا).
(٤) الامتاع والمؤانسة ج ١ ص ١٢١.
(٥) الصاحبي ص ١٧٩.