لتلك الهيئة كيفية نفسانية ، وتسمّى حالة ما دامت سريعة الزوال ، فاذا تكرّرت ومارستها النفس حتى رسخت تلك الكيفية فيها وصارت بطيئة الزوال فتصير ملكة ، وبالقياس الى ذلك الفعل عادة وخلقا (١).
قال القزويني عن فصاحة المتكلّم إنّها «ملكة يقتدر بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح» (٢).
وشرحها بقوله : «فالملكة قسم من مقولة الكيف التي هي هيئة قارّة لا تقتضي قسمة ولا نسبة وهو مختصّ بذوات الأنفس راسخ في موضوعه ، وقيل : «ملكة» حتّى لا يكون المعبّر عن مقصوده بلفظ فصيح فصيحا إلّا إذا كانت الصفة التي اقتدر بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح راسخة فيه. وقيل : «يقتدر بها» ولم يقل : «يعبر بها» ليشمل حالتي النطق وعدمه. وقيل : «بلفظ فصيح» ليعم المفرد والمركّب».
ولم يخرج البلاغيون عما رسمه القزويني وكل ما فعلوه هو شرح عباراته (٣)
المماتنة :
المماتنة : المباعدة في الغاية ، وسير مماتن : بعيد ، وسار سيرا مماتنا ، أي بعيدا. ويقال : ماتن فلان فلانا إذا عارضه في جدل أو خصومة (٤).
قال المظفر العلوي : «أمّا المماتنة فهي تنازع الشاعرين بينهما بيتا يقول أحدهما صدره والآخر عجزه» (٥).
المماثل :
هو المجانس المماثل ، قال الآمدي : «وقد رأيت قوما من البغداديين يسمّون هذا النوع المجانس المماثل ويلحقون به الكلمة إذا ترددت وتكررت نحو قول جرير :
تزوّد مثل زاد أبيك فينا |
فنعم الزاد زاد أبيك زادا |
وبابه قليل» (٦).
وقال ابن سنان : «وبعض البغداديين يسمّي تساوي اللفظيتين في الصفة مع اختلاف المعنى ، المماثل» (٧).
وقد سمّى قدامة هذا النوع المطابق وقال : «فأمّا المطابق فهو ما يشترك في لفظة واحدة بعينها» (٨).
وسمّاه ابن رشيق المماثلة (٩) ، وفعل مثله المتأخّرون وربطوا هذا الفن بالجناس أو الموازنة (١٠).
المماثلة :
مثل : كلمة تسوية يقال : هذا مثله ومثله ، والفرق بين المماثلة والمساواة أنّ المساواة تكون بين المختلفين في الجنس والمتفقين لأنّ التساوي هو التكافؤ في المقدار لا يزيد ولا ينقص ، وأمّا المماثلة فلا تكون إلا في المتفقين (١١).
سمّى قدامة المماثلة تمثيلا وهو من نعوت ائتلاف اللفظ والمعنى ، قال : «هو أن يريد الشاعر إشارة الى معنى فيضع كلاما يدلّ على معنى آخر ، وذلك المعنى والكلام منبئان عما أراد أن يشير اليه» (١٢) ، كقول
__________________
(١) التعريفات ص ٢٠٥.
(٢) الايضاح ص ٩ ، التلخيص ص ٣٢.
(٣) شروح التلخيص ج ١ ص ١١٧ ، المطول ص ٢٤ ، الأطول ج ١ ص ٢٨.
(٤) اللسان (متن).
(٥) نضرة الاغريض ص ١٩٤.
(٦) الموازنة ج ١ ص ١٧٥.
(٧) سر الفصاحة ص ٢٢٨.
(٨) نقد الشعر ص ١٨٥.
(٩) العمدة ج ١ ص ٣٢١.
(١٠) تحرير التحبير ص ٢٩٧ ، بديع القرآن ص ١٠٧ ، المصباح ص ٨٠ ، الايضاح ص ٣٩٨ ، التلخيص ص ٤٠٤ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٥٧ ، المطول ص ٤٥٧ ، الاطول ج ٢ ص ٢٣٦ ، خزانة الادب ص ٣٧٠ ، شرح عقود الجمان ص ١٥٢ ، انوار الربيع ج ٥ ص ١٧٨.
(١١) اللسان (مثل).
(١٢) نقد الشعر ص ١٨١.