بأمثلة مراعاة النظير وخلط بين النوعين» (١). ولم يتحدّث عن المعنوية وإنما تكلّم على اللفظية لأنها «هي المقصودة بالذكر» ، ونقل تعريف المصري.
وفرّقوا بين المماثلة والمناسبة فقالوا : الفرق بين المماثلة والمناسبة توالي الكلمات المستويات في المماثلة وتفارقها في المناسبة» (٢).
وللمناسبة معنى آخر ذكره السّيوطي وهو الترابط بين الآيات الكريمة وغيرها ، قال : «المناسبة في اللغة المشاكلة والمقارية ومرجعها في الآيات ونحوها إلى معنى رابط بينهما عامّ أو خاصّ عقلي أو حسي أو خيالي أو غير ذلك من انواع علاقات التلازم الذهني كالسبب والمسبّب والعلة والمعلول والنظيرين والضدين ونحوه. وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا باعناق بعض فيقوى بذلك الارتباط ويصير التأليف حالته حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء» (٣).
المنافرة بين الألفاظ :
النّفر : التّفرّق ، ونافرت الرجل منافرة إذا قاضيته ، والمنافرة : المفاخرة والمحاكمة ، وفي حديث أبي ذرّ : «نافر أخي أنس فلانا الشاعر» أراد إنهما تفاخرا أيهما أجود (٤).
قال ابن الأثير : «وحقيقة هذا النوع الذي هو المنافرة ، أن يذكر لفظ أو ألفاظ يكون غيرها مما هو معناها أولى بالذّكر» (٥). وقال : «وعلى هذا فإنّ الفرق بينه وبين المعاظلة أنّ المعاظلة هي التراكب والتداخل أما في الألفاظ أو في المعاني ، وهذا النوع لا تراكب فيه وإنما هو إيراد ألفاظ غير لائقة بموضعها الذي ترد فيه».
والمنافرة نوعان :
الأوّل : يوجد في اللفظة الواحدة ، وإذا ورد هذا النوع في الكلام أمكن تبديله بغيره مما هو في معناه سواء كان ذلك الكلام نثرا أو نظما.
الثاني : يوجد في الألفاظ المتعددة ، ولا يمكن بتديله بغيره في الشعر بل يمكن ذلك في النثر لأنّه يعسر في الشعر من أجل الوزن.
ومن القسم الأوّل قول المتنبي :
فلا يبرم الأمر الذي هو حالل |
ولا يحلل الأمر الذي هو يبرم |
فلفظة «حالل» نافرة عن موضعها ، وكانت له مندوحة عنها لأنّه لو استعمل عوضا عنها لفظة «ناقض» لجاءت قارّة في مكانها غير قلقة ولا نافرة.
ومما جاء من القسم الثاني قول المتنبي :
لا خلق أكرم منك إلا عارف |
بك داء نفسك لم يقل لك هاتها |
فانّ عجز هذا البيت نافر عن مواضعه.
وذكر العلوي مثل ذلك ونقل كلام ابن الأثير وأمثلته (٦).
المناقضة :
النّقض خلاف الإبرام ، والنقض : اسم البناء المنقوض إذا هدم ، وفي حديث صوم التّطوّع : «فناقضني وناقضته» هي مفاعلة من نقض البناء وهو هدمه أي ينقض قولي وأنقض قوله. وناقضه في الشيء مناقضة ونقاضا : خالفه. والمناقضة في القول : أن يتكلّم بما يتناقض معناه (٧).
ذكر المصري أنّ المناقضة من مبتدعاته وقال : «هو
__________________
(١) أنوار الربيع ج ٣ ص ٣٦٤ ، وينظر المنزع البديع ص ٥١٧ ، الروض المريع ص ١٠٥.
(٢) تحرير التحبير ص ٢٩٧ ، خزانة الادب ص ٣٧١ ، انوار الربيع ج ٥ ص ١٧٩.
(٣) معترك ج ١ ص ٥٧ ، الاتقان ج ٢ ص ١٠٨ ، وينظر المنزع البديع ص ٤٠٣.
(٤) اللسان (نفر).
(٥) المثل السائر ج ١ ص ٣٠٤.
(٦) الطراز ج ٣ ص ٥٨.
(٧) اللسان (نقض).