يا شبابي وأين مني شبابي |
آذنتني حباله بانقضاب |
|
لهف نفسي على نعيمي ولهوي |
تحت أفنانه اللّدان الرطاب |
وقول الآخر :
أيا قبر معن كيف واريت جوده |
وقد كان منه البرّ والبحر مترعا |
النّزاهة :
نزه نزاهة ونزاهية ، وأرض نزهة ونزهة بعيدة عذبة ، ويتنزه عن الشيء : تباعد عنه ، وفلان يتنزّه عن الأقذار وينزّه نفسه عنها أي يباعد نفسه عنها. ورجل نزه الخلق : عفيف (١).
النزاهة من مبتدعات المصري وإن كان القدماء يدعون إليها ، وقد قال أبو عمرو بن العلاء : «خير الهجاء ما تنشده العذراء في خدرها فلا يقبح بمثلها». ولكنّ المصري أدخل النزاهة في فنون البلاغة وقال : «وهو يختص غالبا بفن الهجاء وإن وقع نادرا في غيره ، فإنّه عبارة عن نزاهة ألفاظ الهجاء وغيره من الفحش» (٢) وذكر عبارة أبي عمرو بن العلاء. ومن ذلك قول جرير :
فغضّ الطّرف إنّك من نمير |
فلا كعبا بلغت ولا كلابا |
وقد وقع من النزاهة في القرآن الكريم قوله تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ. وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ. أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(٣).
وقال الحموي : «النزاهة ما نظمها أحد في بديعيته إلّا صفي الدين الحلّيّ ، وهو نوع غريب تجوّل سوابق الذوق السليم في حلبة ميدانه وتغرّد سواجع الحشمة على بديع أفنانه لأنّه هجو في الأصل ولكنه عبارة عن الإتيان بألفاظ فيها معنى الهجو إذا سمعته العذراء في خدرها لم تنفر منه» (٤).
وقال السّيوطي : «هو خلوص ألفاظ الهجاء من الفحش» (٥). وذهب الى ذلك المدني أيضا (٦).
النّزول :
عقد ابن الزملكاني فصلا للإفراط والنزول ولم يعرّفهما وإنّما قال : «إنّ هذا الغرض لا يوصف قاصده بالكذب إذ كان غرضه معلوما وكان متجوّزا في مقاله غير قاصد الى البتّ به والقطع بمقتضاه كما لم يقض على من قال : «زيد أسد» بالكذب و «إنه بحر متلاطم الأمواج» (٧). ومثال الإفراط قوله تعالى : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ)(٨). ومثال النزول قوله تعالى : (مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ)(٩) وقوله في صفة الجنة : (فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ. وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى)(١٠).
نسبة الشّيء :
نسبة الشيء إلى ما ليس منه من عيوب المعاني ، قال قدامة : «هو أن ينسب الشيء الى ما ليس منه» (١١) كقول خالد بن صفوان :
__________________
(١) اللسان (نزه).
(٢) تحرير التحبير ص ٥٨٤ ، بديع القرآن ص ٢٩٢.
(٣) النور ٤٨ ـ ٥٠.
(٤) خزانة الادب ص ٧٧.
(٥) معترك ج ١ ص ٤١٨ ، الاتقان ج ٢ ص ٩٦ ، شرح عقود الجمان ص ١٣٠ ، نفحات الأزهار ص ٥٧ ، شرح الكافية ص ٩١.
(٦) أنوار الربيع ج ٢ ص ١٥٩.
(٧) البرهان الكاشف ص ٣١٠.
(٨) النحل ٧٧.
(٩) النور ٣٥.
(١٠) محمد ١٥.
(١١) نقد الشعر ص ٢٤٥.