لا زال للمال والأعداء ظلّاما
وقول أبي العتاهية :
كأنها من حسنها درّة |
أخرجها الموج الى الساحل |
أخذه بشار فزاد وأحسن فقال :
كأنّما أفرغت في جوف لؤلؤة |
فكلّ ناحية من وجهها قمر (١) |
نقل الجزل الى الرذل :
هو أن ينقل الشاعر المعنى الجزل أقل منه جزالة وبناءا ، كقول امرئ القيس :
ألم ترياني كلّما جئت طارقا |
وجدت بها طيبا وإن لم تطيّب |
أخذه كثيّر فقال :
فما روضة بالحزن طيبة الثرى |
يمجّ الندى جثجاثها وعرارها |
|
بأطيب من أردان عزّة موهنا |
وقد أوقدت بالمندل الرّطب نارها (٢) |
فطوّل في اللفظ وقصّر في المعنى (٣).
نقل الرذل الى الجزل :
هو نقل المعنى الرذل الى بناء جيد جزل كقول بشار :
يا طفلة السنّ يا صغيرتها |
أصبحت إحدى المصائب الكبر |
أخذه غيره فقال :
وصغيرة علّقتها |
كانت من الفتن الكبار |
|
كالبدر إلا أنّها |
تبقى على ضوء النهار (٤) |
نقل الطويل الى القصير :
قال ابن منقذ : «ومنه السرقات المحمودة والمذمومة ، قال ابن وكيع التنيسي : السرقات المحمودة عشر أولها استيفاء اللفظ الطويل في المعنى القصير» (٥) كقول بشار :
من راقب الناس لم يظفر بحاجته |
وفاز بالطيبات الفاتك اللهج |
اختصره سلم الخاسر فقال :
من راقب الناس مات غمّا |
وفاز باللّذّة الجسور |
ولأبي تمام في صفة قصيدة :
يودّ ودادا أنّ أعضاء جسمه |
إذا أنشدت شوقا اليها مسامع |
قصّره كشاجم ونقله الى أبيات في صفة قينة فقال :
جاءت بوجه كأنّه قمر |
على قوام كأنّه غصن |
|
حتى إذا ما استقرّ مجلسنا |
وصار في حجرها لها وثن |
|
غنّت فلم تبق فيّ جارحة |
إلا تمنيت أنّها أذن |
واختصره آخر فقال :
لي حبيب خياله نصب عيني |
سرّه في ضمائري مكنون |
|
إن تذكّرته فكلّي قلوب |
__________________
(١) البديع في نقد الشعر ص ١٨٧.
(٢) الجثجاث والعرار : نوعان من النبت طيب الرائحة. المندل : العود الطيب الرائحة أو أجوده.
(٣) البديع في نقد الشعر ص ١٨٩ ، وينظر المنصف ص ٢٨.
(٤) البديع في نقد الشعر ص ١٨٦ ، وينظر المنصف ص ١٢.
(٥) البديع في نقد الشعر ص ١٨٣.