الهاء
الهجاء في معرض المدح :
هذا الفن من مبتدعات المصري ، قال : «هو أن يقصد المتكلم الى هجاء إنسان فيأتي بألفاظ موجهة ظاهرها المدح وباطنها القدح فيوهم أنّه يمدحه وهو يهجوه» (١). كقول بعضهم في بعض الأشراف :
له حقّ وليس عليه حقّ |
ومهما قال فالحسن الجميل |
|
وقد كان الرسول يرى حقوقا |
عليه لغيره وهو الرسول |
فالبيت الاول لا يصلح إلا للمدح ومثله البيت الثاني لا يفهم منه مدح ولا هجاء ، ولكنه لما اقترن بالأول أهّل نفسه وأخاه للهجاء وعدل بألفاظهما عن الثناء وحصل من اجتماعهما ما ليس لكل منهما على انفراده.
ومن ذلك قول عبد الصمد بن المعذل أو أبي العميثل في أبي تمام وقد كانت في لسانه حبسة :
يا نبيّ الله في الشّع |
ر ويا عيسى بن مريم |
|
أنت من أشعر خلق الله |
ما لم تتكلّم |
فإنّ حال هذين البيتين حال البيتين السابقين ، إذ الاول منهما اذا انفرد كان مدحا محضا واذا اجتمعا صارا هجوا بحتا ، غير أنّ ثاني الآخرين مخالف لثاني الاولين.
ونقل السبكي تعريف المصري ولم يمثّل لهذا الفن (٢) ونقله الحموي وأشار الى أنّه من مستخرجات المصري (٣) وفعل مثله السيوطي (٤) والمدني الذي سمّاه «الهجو في معرض المدح» (٥).
الهدم :
الهدم نقيض البناء ، هدمه يهدمه هدما وهدّمه فانهدم (٦).
الهدم من السرقات وذلك أن يأتي الشاعر بمعنى يعكسه الآخر ، ولم يعرّفه ابن منقذ (٧).
وقال ابن قيم الجوزية : «هو أن يأتي غيرك بكلام تضّمن معنى فتأتي أنت بضده فكأنه هدم ما بناه المتكلم» (٨) ونقل الزركشي هذا التعريف (٩).
ومن هذا النوع قول البلاذري :
قد يرفع المرء الليئم حجابه |
ضعة ودون العرف منه حجاب |
عكسه الآخر فقال :
__________________
(١) تحرير التحبير ص ٥٥٠.
(٢) عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٣.
(٣) خزانة الادب ص ١١٧ ، نفحات ص ١٥٥ ، شرح الكافية ص ٨٥.
(٤) شرح عقود الجمان ص ١٣٠.
(٥) أنوار الربيع ج ٣ ص ٦٠.
(٦) اللسان (هدم).
(٧) البديع في نقد الشعر ص ١٩٠.
(٨) الفوائد ص ١٥٧.
(٩) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٤١٢.