ملك أغرّ محجّب |
معروفه لا يحجب |
وقال ابو تمام :
وإن يحل بيننا الحجاب فلن |
يحجب عنا معروفه الحجب |
وقال حسان :
بيض الوجوه كريمة أحسابهم |
شمّ الأنوف من الطراز الأوّل |
|
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم |
لا يسألون عن السّواد المقبل |
هدمه الآخر فقال :
ذهب الزمان برهط حسّان الألى |
كانوا ملاذا في الزّمان الجائر |
|
وبقيت في خلف يحلّ ضيوفهم |
منهم بمنزلة اللئيم الغادر |
|
سود الوجوه لئيمة أحسابهم |
فطس الأنوف من الطراز الآخر |
الهذر والتبعيد :
وهو من عيوب اشتراك اللفظ ، قال البغدادي : «ومن عيوب هذا الجنس الهذر والتبعيد عند الحاجة الى الايجاز والتقريب ، وهذا هو زيادة الالفاظ على المعاني من غير سبب يدعو اليها أو حاجة تبعث عليها ، والمثالات في ذلك موجودة كثيرة من كلام العامة والدخلاء في الصناعة» (١).
الهزل المراد به الجد :
كان الجاحظ يذكر بعض الفصول من الهزل استنشاطا للقارىء (٢) ، وقد قال عن إبراهيم بن هانىء : «وكان ماجنا خليعا وكثير العبث متحررا ، ولو لا أنّ كلامه هذا الذي أراد به الهزل يدخل في باب الجدّ لما جعلته صلة الكلام الماضي» (٣).
وذكر ابن المعتز في محاسن الكلام فنا سمّاه «الهزل يراد به الجدّ» (٤) ومثّل له بقول أبي العتاهية :
أرقيك أرقيك باسم الله أرقيكا |
من بخل نفس لعلّ الله يشفيكما |
|
ما سلم نفسك إلّا من يتاركها |
وما عدوّك إلا من يرجيّكا |
وذكر هذا الفن البغدادي وابن الزملكاني (٥) ، وقال المصري : «هو أن يقصد المتكلم مدح انسان أو ذمه فيخرج ذلك المقصود مخرج الهزل المعجب والمجون المطرب». ونقل الحلبي والنويري تعريفه (٦).
وقال ابن الاثير الحلبي : «هذا الباب من نعوت الألفاظ» (٧) وعّرفه بمثل تعريف المصري. وأدخله القزويني في المحسنات المعنوية ولم يعرّفه وإنّما قال : «فترجمته تغني عن تفسيره» (٨) وذكر قول امرىء القيس :
وقد علمت سلمى وإن كان بعلها |
بأنّ الفتى يهذي وليس بفعّال |
وتبعه في ذلك شرّاح التلخيص (٩) ، وألحقه العلوي بتجاهل العارف وقال : «ومما يلحق باذيال هذا الصنف ويجيء على أثره الهزل الذي يراد به الجدّ» (١٠) ونقل
__________________
(١) قانون البلاغة ص ٤٢٠.
(٢) الحيوان ج ٣ ص ٥.
(٣) البيان ج ١ ص ٩٣.
(٤) البديع ص ٦٣.
(٥) قانون البلاغة ص ٤٥٩ ، التبيان ص ١٨٩ ، وينظر كفاية الطالب ص ١٨٥.
(٦) تحرير التحبير ص ١٣٨.
(٧) جوهر الكنز ص ٢١١.
(٨) الايضاح ص ٣٧٨ ، التلخيص ص ٣٨٥.
(٩) شروح التلخيص ج ٤ ص ٤٠٢ ، المطول ص ٤٤٣ ، الاطول ج ٢ ص ٢١٩.
(١٠) الطراز ج ٣ ص ٨٢.