وإشارة ورسالة وكتابة ، ولذلك قال الله ـ عزوجل ـ : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً)(١). وهو على وجوه كثيرة» (٢). فمنه الاشارة كقوله تعالى : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)(٣).
ومنه الوحي المسموع من الملك كقوله تعالى : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى. عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى)(٤).
ومنه الوحي في المنام وهو الرؤيا الصحيحة كما قال الله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ)(٥).
ومنه الالهام كما قال الله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ)(٦) أي : ألهمها.
ومنه الكتاب ، ويقال منه : «وحيث الكتاب» إذا كتبته ، قال الشاعر :
ما هيّج الشوق من أطلال دارسة |
أضحت قفارا كوحي خطه الواحي |
ومن الوحي الاشارة باليد والغمز بالحاجب والايماض بالعين كما قال الشاعر :
وتوحي اليه باللّحاظ سلامها |
مخافة واش حاضر ورقيب |
وقال آخر :
أشارت بطرف العين خيفة أهلها |
إشارة محزون ولم تتكلّم |
|
وأيقنت أنّ الطرف قد قال مرحبا |
وأهلا وسهلا بالحبيب المسلّم |
الوصل :
وصل الشيء بالشيء يصله وصلا وصلة : اي ربطه (٧).
والوصل في البلاغة هو الربط بين الجمل أو عطف بعض الجمل على بعض (٨) ، وقد تقدم في الفصل والوصل.
وضع جمع القلّة موضع الكثرة :
الجمل يقع بعضها موقع بعض لاشتراكها في مطلق الجمع (٩) ، وفي القرآن الكريم أمثلة من ذلك قوله تعالى : (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ)(١٠) فان المجموع بالألف والتاء للقلة وغرف الجنة لا تحصى. وقوله : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ)(١١)
ومن شواهد مجيء جمع القلة مرادا به الكثرة قول حسّان :
لنا الجفنات الغرّ يلمعن في الضّحى |
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما |
وضع الخبر موضع الطّلب :
وذلك أن يكون في الأمر والنهي (١٢) كقوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ)(١٣) ، فالخبر هنّا للأمر. ومنه قوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ)(١٤)
__________________
(١) الشورى ٥١.
(٢) البرهان في وجوه البيان ص ١٣٩.
(٣) مريم ١١.
(٤) النجم ٤ ـ ٥.
(٥) القصص ٧.
(٦) النحل ٦٨.
(٧) اللسان (وصل).
(٨) دلائل الاعجاز ص ١٧٠ ، الايضاح ص ١٤٧ ، التلخيص ص ١٧٥ ، شروح التلخيص ج ٣ ص ٣ ، المطول ص ٢٤٧ ، الاطول ج ٢ ص ٢ ، شرح عقود الجمان ص ٥٨ ، حلية اللب ص ٩٥ ، الروض المريع ص ١٦٦ ، التبيان في البيان ص ١٠١.
(٩) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٣٥٥.
(١٠) سبأ ٣٧.
(١١) الزمر ٤٢.
(١٢) البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٣٤٧.
(١٣) البقرة ٢٣٣.
(١٤) البقرة ١٩٧.