للموصوفية الحقائق كما في «جسم أبيض» و «بياض صاف» دون معاني الافعال والصفات المشتقة منها والحروف (١).
ومثالها قوله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً)(٢) ، شبّه ترتب العداوة والحزن على الالتقاط بترتب غلبة الغائية عليه ، ثم استعير في المشبه اللام الموضوعة للمشبه به.
وقرينة التبعية في الافعال والصفات تعود تارة الى الفاعل كما في «نطقت الحال» أو «الحال ناطقة بكذا» لأنّ النطق لا يسند الى الحال. وتارة الى المفعول كقول ابن المعتز :
جمع الحقّ لنا في إمام |
قتل البخل وأحيا السماحا |
أي : أزال البخل وأظهر السماح والقتل والاحياء الحقيقيان لا يتعلق بهما والقرينة جعلهما مفعولين.
والثاني كقول الشاعر :
نقريهم لهذميات نقدّ بها |
ما كان خاط عليهم كلّ زرّاد |
وهي قرينة على أن «نقريهم» استعارة ، وهو مفعول ثان.
أو الاول والثاني كقول الحريري :
وأقري المسامع إمّا نطقت |
بيانا يقود الحرون الشّموسا |
وتارة الى الجار والمجرور نحو قوله تعالى :(فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(٣) ، فقوله «بعذاب» قرينة على أنّ «بشّر» استعارة. وتارة الى الجميع : الفاعل والمفعول الاول والثاني والمجرور بمعنى أنّ كلّا منها قرينة مستقلة كقول الشاعر :
تقري الرياح رياض الحزن مزهرة |
إذا سرى النوم في الأجفان إيقاظا (٤) |
الاستعارة التّجريديّة :
وتسمى المجرّدة ، وهي ما كان معتبرا فيها المستعار له (٥) ، أي أنها تكون تجريدية إذا عقبت بصفات ملائمة للمستعار له أو تفريع كلام ملائم له (٦) وقال ابن مالك : «تجريد» الاستعارة هو أن تقرن بما يلائم المستعار له» (٧) وعرّفها القزويني بمثل ذلك (٨) ، وقال العلوي : «فاما الاستعارة المجردة فانما لقبت بهذا اللقب لأنّك إذا قلت : «رأيت أسدا يجدّل الابطال بنصله ويشك الفرسان برمحه» فقد جرّدت قولك : «أسدا» عن لوازم الآساد وخصائصها إذ ليس من شأنها تجديل الابطال ولا شكّ الفرسان بالرماح والنصال» (٩). والى ذلك ذهب السبكي والتفتازاني والزركشي والسيوطي والاسفراييني والمغربي والمدني (١٠).
ومثال الاستعارة التجريدية قوله تعالى : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ)(١١) حيث قال :(فَأَذاقَهَا) ولم يقل : «كساها» فان المراد بالاذاقة إصابتهم بما استعير له اللباس كأنه قال : فأصابها الله بلباس الجوع والخوف.
__________________
(١) الايضاح ص ٢٩٨ ، التلخيص ص ٣١٥ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ١٠٨ ، المطول ص ٣٧٦ ، الأطول ج ٢ ص ١٣٧ ، معترك ج ١ ص ٢٨٠ ، شرح عقود الجمان ص ٩٥ ، أنوار ج ١ ص ٢٤٦.
(٢) القصص ٨.
(٣) آل عمران ٢١ ، التوبة ٣٤ ، الانشقاق ٢٤.
(٤) شرح عقود الجمان ص ٩٦.
(٥) نهاية الايجاز ص ٩٢.
(٦) مفتاح العلوم ص ١٨٢.
(٧) المصباح ص ٦٦.
(٨) الايضاح ص ٣٠٠ ، التلخيص ص ٣١٧.
(٩) الطراز ج ١ ص ٢٣٦.
(١٠) عروس ج ٤ ص ١٢٨ ، المطول ص ٣٧٧ ، المختصر ج ٤ ، ص ١٢٨ ، البرهان ج ٣ ص ٤٣٨ ، معترك ج ١ ص ٢٨١ ، الاتقان ج ٢ ص ٤٥ ، شرح عقود الجمان ص ٩٧ الأطول ج ٢ ص ١٤٢ ، مواهب الفتاح ج ٤ ص ١٢٨ ، أنوار الربيع ج ١ ص ٢٥٤.
(١١) النحل ١١٢.