اللذين هما من متعلقات الاشتراء فنظر الى المستعار منه (١).
ومعظم البلاغيين يسمون هذا اللون الاستعارة المرشحة أو الترشيحية (٢) ، غير أن العلوي يسميها «الموشحة» ولو لا تفسيره للتوشيح لقيل إنّ في الكلمة تغييرا (٣). والاستعار الترشيحية هي المقدمة في هذا الباب ، قال المصري : «وأجلّ الاستعارات الاستعارة المرشحة كقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) فان الاستعارة الأولى وهي لفظة الشراء رشحت الثانية وهي لفظتا الربح والتجارة للاستعارة (٤). وقال الحموي : «وليس فوق رتبتها في البديع رتبة» (٥) ، وذلك لاشتمال الترشيح على تحقيق المبالغة ولذلك كان مبناها على تناسي التشبيه حتى أنّه يوضع الكلام في علو المنزلة وضعه في علو المكان كما قال أبو تمام :
ويصعد حتى يظن الجهو |
ل أنّ له حاجة في السماء |
فلو لا أنّ قصده أن يتناسى التشبيه ويصمم على انكاره فيجعله صاعدا في السماء من حيث المسافة المكانية لما كان لهذا الكلام وجه.
وكما قال العباس بن الاحنف :
هي الشّمس مسكنها في السّما |
ء فعزّ الفؤاد عزاء جميلا |
|
فلا تستطيع اليها الصعو |
د ولن تستطيع اليك النزولا |
وقد يجتمع التجريد والترشيح كما في قول زهير :
لدى أسد شاكي السلاح مقذّف |
له لبد أظفاره لم تقلّم |
فقوله : «لدى أسد شاكي السلاح» تجريد لأنّه وصف يلائم المستعار له أي الأسد الحقيقي.
الاستعارة التّصريحيّة :
الاستعارة التّصريحيّة هي ما صرّح فيها بلفظ المشبّه به دون المشبّه ، أو هي كما قال السّكّاكي : «أن يكون الطرف المذكور من طرفي التشبيه هو المشبّه به» (٦). أو كما قال الحلبي وإن لم يسمّها : «أن تعتمد نفس التشبيه ، وهو أن يشترك شيئان في وصف وأحدهما أنقص من الآخر فيعطى الناقص اسم الزائد مبالغة في تحقيق ذلك الوصف كقولك : «رأيت أسدا» وأنت تعني رجلا شجاعا ، و «عنّت لنا ظبية» وأنت تريد امرأة» (٧).
ومثال هذا اللون قوله تعالى : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)(٨) ، أي : من الضلالة الى الهدى ، فقد استعيرت الظلمات للضلال لتشابههما في عدم اهتداء صاحبهما ، وكذلك استعير لفظ النور للايمان لتشابههما في الهداية ، والمستعار له وهما الضلال والايمان كل منهما محقق عقلا.
ومنها قول المتنبي :
__________________
(١) نهاية الايجاز ص ٩٢ ، مفتاح ص ١٨٢ ، حسن التوسل ص ١٣١ ، الايضاح ص ٣٠١.
(٢) نهاية الايجاز ص ٩٢ ، مفتاح ص ١٧٦ ، ١٨٢ ، الايضاح ص ٣٠١ ، التلخيص ص ٣١٨ ، المصباح ص ٦٦ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ١٣٠ ، المطول ص ٣٧٨ ، الاطول ج ٢ ص ١٤٣ ، البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٤٣٨ ، خزانة الأدب ص ٤٩ ، معترك ج ١ ص ٢٨١ ، الاتقان ج ٢ ص ٤٥ ، شرح عقود الجمان ص ٩٧ ، أنوار الربيع ج ١ ص ٢٥٤.
(٣) الطراز ج ١ ص ٢٣٧.
(٤) تحرير التحبير ص ٩٩.
(٥) خزانة الأدب ص ٤٩.
(٦) مفتاح العلوم ص ١٧٦ ، وينظر البرهان الكاشف ص ١١٠ ، التبيان ص ٤١ ، المصباح ص ٦٢ ، معترك ج ١ ص ٢٨٢ ، الاتقان ج ٢ ص ٤٥.
(٧) حسن التوسل ص ١٣٤.
(٨) ابراهيم ١.