في الخدّ إن عزم الخليط رحيلا |
مطر يزيد به الخدود نحولا |
قرن الدمع بالمطر ثم حذفه وأبقى المشبه به.
وقوله :
وأقبل يمشي في البساط فما درى |
الى البحر يسعى أم البدر يرتقي |
ربط سيف الدولة الحمداني بالبحر.
وقول ديك الجن :
لمّا نظرت اليّ عن حدق المها |
وبسمت عن متفتّح النوّار |
|
وعقدت بين قضيب بان أهيف |
وكثيب رمل عقدة الزّنّار |
|
عفّرت خدّي في الثرى لك طائعا |
وعزمت فيك على دخول النار |
ربط بين فمها ومتفتح النوار ، وبين جسمها وقضيب البان. وهذه الاستعارة من روائع الاستعارات ، ولذلك قال ابن الاثير : «وهذه الأبيات لا تجد لها في الحسن شريكا ، ولأن يسمى قائلها شحرورا أولى من أن يسمّى ديكا» (١).
ومنها قوله أيضا :
لا ومكان الصليب في النحر من |
ك ، ومجرى الزنّار في الخصر |
|
والخال في الخدّ إذ أشبّهه |
وردة مسك على ثرى تبر |
|
وحاجب مدخطّه قلم الحس |
ن بحبر البهاء لا الحبر |
|
وأقحوان بفيك منتظم |
على شبيه من رائق الخمر |
الاستعارة التّمثيليّة :
سماها القزويني المجاز المركب وقال : «وأما المجاز المركب فهو اللفظ المركب المستعمل فيما شبّه بمعناه الأصلي تشبيه التمثيل للمبالغة في التشبيه أي تشبيه احدى صورتين منتزعتين من أمرين أو أمور بالأخرى ، ثم تدخل المشبهة في جنس المشبه بها مبالغة في التشبيه فتذكر بلفظها من غير تغيير بوجه من الوجوه» (٢).
وقال السيوطي : «هي أن يكون وجه الشبه فيها منتزعا من متعدد» (٣) ، والى ذلك ذهب المدني (٤) مثالها ما كتبه الوليد بن يزيد لما بويع الى مروان بن محمد وقد بلغه أنه متوقف في البيعة له : «أراك تقدّم رجلا وتؤخر أخرى فاذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئت والسّلام». شبّه صورة تردده في المبايعة بصورة تردد من قام ليذهب في أمر فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا وتارة لا يريد فيؤخر أخرى.
ومن هذا اللون قوله تعالى : (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ)(٥) ، إذ المعنى انّ مثل الأرض في تصرفها تحت أمر الله وقدرته مثل الشيء يكون في قبضة اخذ له منا ، والجامع يده عليه.
ومنه قول الرماح بن ميادة :
ألم تك في يمنى يديك جعلتني |
فلا تجعلنّي بعدها في شمالكا |
|
ولو أنني أذنبت ما كنت هالكا |
على خصلة من صالحات خصالكا |
وقول عمير بن الايهم :
راح القطين من الأوطان أو بكروا |
وصدّقوا من نهار الأمس ما ذكروا |
__________________
(١) المثل السائر ج ١ ص ٣٧٧.
(٢) الايضاح ص ٣٠٤ ، التلخيص ص ٣٢٢.
(٣) معترك ج ١ ص ٢٨٣.
(٤) أنوار الربيع ج ١ ص ٢٥١.
(٥) الزمر ٦٧.