أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا |
وسالت بأعناق المطيّ الأباطح |
أراد أنها سارت سيرا حثيثا في غاية السرعة وكانت سرعة في لين وسلامة حتى كأنها كانت سيولا وقعت في تلك الأباطح فجرت بها.
وقد تحصل الغرابة بالجمع بين عدة استعارات لالحاق الشكل بالشكل كقول امرىء القيس :
فقلت له لمّا تمطّى بصلبه |
وأردف أعجازا وناء بكلكل |
أراد وصف الليل بالطول فاستعار له صلبا يتمطى به إذ كان كل ذي صلب يزيد في طوله عند تمطيه شيء ، وبالغ في ذلك بأن جعل له أعجازا يردف بعضها بعضا ثم أراد أن يصفه بالثقل على قلب ساهره والضغط لمكابده فاستعار له كلكلا ينوء به (١).
الاستعارة الخياليّة :
هي الاستعارة التخييلية وقد تقدمت. وهذه تسمية العلوي الذي قال : «وأمّا الاستعارة الخيالية والوهمية فهي أن تستعير لفظا دالّا على حقيقة خيالية تقدرها في الوهم ثم تردفها بذكر المستعار له ايضاحا لها وتعريفا لحالها» (٢).
الاستعارة العامّيّة :
هي أن ينقل الاسم عن مسماه الأصلي الى شيء آخر ثابت معلوم ويجري عليه ويجعل متناولا له تناول الصفة للموصوف ، وذلك مثل : «رأيت أسدا» أي :رجلا شجاعا ، و «عنّت لنا ظبية» أي : امرأة (٣).
وقال القزويني : إنّ العامية المبتذلة هي التي يظهر الجامع فيها كالمثالين السابقين ، وتبعه في ذلك شراح تلخيصه وغيرهم (٤).
الاستعارة العقليّة :
هي الاستعارة التخييلية وقد تقدمت. وهذه تسمية الدمنهوري حينما قال : «فمراده بالعقلية التخلييلية بدليل المقابلة» (٥). ثم قال إنّ الاستعارة تتحقق حسّا وعقلا ، فان لم تتحقق كذلك وكان الأمر متوهما فالاستعارة تخييلية. وهذا ما ذهب اليه السكاكي بقوله : «والمراد بالتحقيقية أن يكون المشبه المتروك شيئا متحققا إما حسيا واما عقليا ، والمراد بالتخييلية أن يكون المشبه المتروك شيئا وهميا محضا لا تحقق له إلا في مجرد الوهم» (٦).
الاستعارة العناديّة :
هي ما لا يمكن اجتماع الطرفين في شيء كاستعارة اسم المعدوم للموجود لعدم نفعه واجتماع الوجود والعدم في شيء ممتنع (٧) ومن العنادية الاستعارة التمليحية أو التهكمية وقد مرّت. ومن أمثلة العنادية استعارة اسم الميت للحي الجاهل فانّ الموت والحياة ممتنع اجتماعهما.
الاستعارة غير المفيدة :
قسّم عبد القاهر الاستعارة الى مفيدة وغير مفيدة ، ويريد بغير المفيدة ما لا يكون لها فائدة في النقل ،
__________________
(١) الايضاح ص ٢٩٢ ، التلخيص ص ٣١١ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٨٦ ، المطول ص ٣٦٧ الاطول ج ٢ ص ١٣١ ، شرح عقود الجمان ص ٩٤ ، أنوار الربيع ج ١ ص ٢٤٧.
(٢) الطراز ج ١ ص ٢٣٢.
(٣) أسرار البلاغة ص ٤٢.
(٤) الايضاح ص ٢٩٢ ، التلخيص ص ٣١٠ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٨٥ ، المطول ص ٣٦٧ ، الأطول ج ٢ ص ١٣١ ، شرح عقود الجمان ص ٩٤ ، أنوار الربيع ج ١ ص ٢٤٧.
(٥) حلية اللب ص ١٢٥.
(٦) مفتاح العلوم ص ١٧٦.
(٧) الايضاح ص ٢٨٩ ، التلخيص ص ٣٠٨ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٧٧ ، المطول ص ٣٦٥ ، الأطول ج ٢ ص ١٣٠ ، معترك ج ١ ص ٢٨٣ ، أنوار الربيع ج ١ ص ٢٤٧.