منها : الطهارة والنجاسة ، فذهب الشيخ (١) قدسسره إلى أنّهما من الامور الواقعية ، فالطهارة عبارة عن النظافة الواقعية ، والنجاسة عبارة عن القذارة الواقعية ، وكشف عنهما الشارع ، كخواص بعض الأدوية التي لا يعرفها إلاّأهل الخبرة والتجربة ، فالطهارة والنجاسة من هذا القبيل ، وليستا من الامور المجعولة كالأحكام التكليفية.
وفيه أوّلاً : أنّه خلاف ظواهر الأدلة ، إذ ظاهرها أنّ الشارع حكم بالنجاسة في شيء وبالطهارة في شيء آخر بما هو شارع ، لا أنّه أخبر عن حقيقة الأشياء بما هو من أهل الخبرة.
وثانياً : أنّه خلاف الوجدان بالنسبة إلى بعض الموارد ، فانّه وإن كان يمكن القول به في مثل البول والغائط والكلب وغيرها بأن يقال : إنّ الحكم بنجاسة هذه الأشياء إخبار عن قذارتها الواقعية ، إلاّأ نّه لا يمكن القول به في مثل ولد الكافر المحكوم بالنجاسة للتبعية ، فانّ القول بأنّ الحكم بنجاسة الولد قبل إقرار الوالد بالشهادتين إخبار عن قذارته الواقعية ، والحكم بطهارته بعده إخبار عن نظافته الواقعية خلاف الوجدان ، وكيف تتبدل قذراته الواقعية الخارجية بمجرد تلفظ والده بالشهادتين سيّما إذا كان بعيداً عنه ، وإن كان تبدل القذارة الواقعية بالنظافة الواقعية بالتلفظ بالشهادتين بالنسبة إلى نفس الوالد ممكناً. وأمّا التبدل الخارجي بالنسبة إلى الولد فلعله خلاف المقطوع به.
نعم ، لاننكر كون الحكم بالطهارة والنجاسة من قبل الشارع لأجل خصوصية وملاك في الموضوع ، كما في الأحكام التكليفية عند العدلية. ولا يبعد أن يكون الملاك والمصلحة في الحكم بنجاسة الكفار تنفّر المسلمين عنهم لئلا يتخذوا
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٣٣٥ النظر السادس فيما يتبع الطهارة.