اليقين لا ينقض بالشك» يدل على أنّ ملاك الاستصحاب هو عدم جواز نقض اليقين بالشك ، بلا فرق بين كون المتيقن سابقاً والمشكوك فيه فعلياً ، وكون المتيقن فعلياً والمشكوك فيه استقبالياً.
نعم ، لا بدّ في جريان الاستصحاب الاستقبالي من الثمرة الفعلية ، ففي مثال العلم بعدالة زيد الآن مع الشك في بقائها إلى اليوم الآتي ، لا مجال لجريان الاستصحاب لعدم ترتب ثمرة فعلية على عدالته في اليوم الآتي مع عدالته الآن يقيناً ، فجريان الاستصحاب الاستقبالي مختص بموارد الثمرة الفعلية.
ومن جملة هذه الموارد مسألة جواز البدار لذوي الأعذار ، فمن كان عاجزاً عن بعض الأجزاء أو الشرائط في أوّل الوقت مع العلم ببقاء عجزه إلى آخر الوقت ، يجوز له البدار بلا إشكال ، لأنّه مأمور بالعمل الفاقد ، ومخيّر عقلاً بين الأفراد الطولية والعرضية لهذا العمل الفاقد ، كما كان مخيراً بين الأفراد الطولية والعرضية للعمل الواجد في صورة عدم العجز.
ولو كان عالماً بزوال عذره إلى آخر الوقت ، لا يجوز له البدار بل يجب عليه الانتظار ، إذ ليس مأموراً باتيان العمل في خصوص أوّل الوقت حتى ينتقل إلى البدل فيه ، بل هو مأمور بطبيعي العمل ، فليس له الانتقال إلى البدل إلاّبعد تعذر جميع أفراد المبدل منه ، أمّا مع الشك في بقاء عذره لا يجوز له البدار لعدم العلم بكون البدل مأموراً به في هذا الوقت ، إلاّأنّ استصحاب بقاء العذر يكون بمنزلة العلم ببقائه بالتعبد الشرعي فيجوز له البدار ، فان لم يظهر الخلاف إلى آخر الوقت ، فليس عليه شيء ، وإن انكشف الخلاف وزال عذره قبل خروج الوقت ، فالاجتزاء بالبدل وعدمه مبني على القول بالاجزاء في الأمر الظاهري ، فان قلنا به فلا تجب عليه الاعادة ، وإن قلنا بعدمه كما هو التحقيق فتجب عليه الاعادة.