فتحصّل مما ذكرناه : أنّ اعتبار اليقين والشك الفعلي وإن كان مسلّماً ، إلاّ أنّه لا يتفرّع عليه الفرعان المذكوران ، بل الحكم بالصحة أو البطلان في المثالين تابع لجريان قاعدة الفراغ وعدمه.
ففي الفرع الأوّل لو قلنا بكون القاعدة من الأمارات وعدم جريانها في المقام لاختصاصها بموارد احتمال الغفلة يحكم ببطلان الصلاة ولو لم نقل بجريان استصحاب الحدث قبل الصلاة لعدم الشك الفعلي ، فانّ استصحاب الحدث الجاري بعد الصلاة كافٍ في الحكم ببطلانها. ولو قلنا بجريان قاعدة الفراغ يحكم بصحة الصلاة ولو قلنا بجريان استصحاب الحدث قبل الصلاة ، لعدم اعتبار الشك الفعلي ، لكونه محكوماً بالقاعدة.
وفي الفرع الثاني إن كانت قاعدة الفراغ جاريةً ، كما إذا كان الشك الحادث بعد الفراغ غير الشك الذي كان قبل الصلاة ، كانت الصلاة صحيحةً حتى مع جريان استصحاب الحدث قبل الصلاة. ولو لم تكن القاعدة جاريةً ، كما إذا كان الشك الحادث بعد الصلاة هو الشك الذي كان قبلها ، كانت الصلاة باطلةً ولو لم يكن الاستصحاب قبل الصلاة جارياً لاعتبار الشك حدوثاً وبقاءً ، فالحكم بالصحة دائر مدار جريان قاعدة الفراغ في كلا الفرعين.
التنبيه الثالث
إذا علمنا وجداناً بحدوث شيء ثم شككنا في بقائه ، فهذا هو القدر المتيقن من مورد الاستصحاب.
وأمّا إذا شك في بقاء شيء على تقدير حدوثه ولم يحرز حدوثه بالوجدان ،