الموضوع بما هو كاشف ، وذكرنا أنّ كل مورد اخذ فيه القطع موضوعاً ظاهره أنّه موضوع بما هو كاشف ، لا بما هو صفة خاصة ، لمناسبة الحكم والموضوع بحكم العرف ، فانّه إذا قيل : إن تيقّنت بنجاسة ثوبك بعد الصلاة تجب عليك الاعادة ، فظاهره أنّ اليقين بما هو كاشف عن النجاسة قد اخذ في موضوع وجوب الاعادة ، لا بما هو صفة خاصة ، فاذا كان اليقين مأخوذاً في موضوع الاستصحاب بما هو كاشف ، فلا مانع من جريان الاستصحاب في كل مورد ثبت الحكم فيه بكاشف ثمّ شك في بقائه.
والذي يدلنا على هذا المعنى مع وضوحه : قوله عليهالسلام في بعض أدلة الاستصحاب : «بل تنقضه بيقين آخر» فانّ المراد من هذا اليقين ليس صفة اليقين يقيناً ، إذ لا إشكال في نقض اليقين بالأمارة ، كما إذا كان متيقناً بطهارة شيء فقامت البينة على نجاسته ، فلا إشكال في وجوب الاجتناب عنه ، وكذا إذا كان متيقناً بالنجاسة فقامت البينة على الطهارة لا إشكال في عدم وجوب الاجتناب ، فاذا صح الالتزام بقيام الأمارة مقام اليقين الوجداني في قوله عليهالسلام : «بل تنقضه بيقين آخر» لصح الالتزام بقيامها مقامه في قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» والسر في الموضعين هو ما ذكرناه من كون الأمارة يقيناً بالجعل الشرعي ، هذا كلّه في الأمارات.
وأمّا الاصول فتحقيق الحال في جريان الاستصحاب في مواردها ، أنّها على قسمين :
القسم الأوّل : ما يكون الأصل المتكفل لبيان الحكم في الزمان الأوّل متكفلاً له في الآن الثاني والثالث إلى زمان العلم بالخلاف ، ففي مثل ذلك لا معنى لجريان الاستصحاب.
مثاله قاعدة الطهارة ، فاذا شكننا في مائع أنّه بول أو ماء ، وحكمنا بطهارته