الماء ، لكان مقتضى الاستصحاب في الثوب هو النجاسة ، لكنّ الحكم بطهارة الثوب من آثار طهارة الماء الثابتة بالاستصحاب أو القاعدة ، فيكون الأصل الجاري في الماء حاكماً على استصحاب النجاسة في الثوب لكونه سببياً ، ويكون الأصل الجاري في الماء متكفلاً لحدوث الطهارة في الثوب فقط ولا يكون متكفلاً لطهارته في الزمان الثاني والثالث ، فبعد غسل الثوب بالماء المذكور لو شككنا في ملاقاته مع النجاسة لا مانع من جريان الاستصحاب في طهارة الثوب أو في عدم ملاقاته النجاسة.
التنبيه الرابع
المستصحب قد يكون جزئياً وقد يكون كلياً ، وجريان الاستصحاب في الكلي لا يتوقف على القول بوجود الكلي الطبيعي في الخارج ، فانّ البحث عن وجود الكلي الطبيعي وعدمه بحث فلسفي ، والأحكام الشرعية مبتنية على المفاهيم العرفية ، ولا إشكال في وجود الكلي في الخارج بنظر العرف.
ثمّ إنّه لا فرق في جريان الاستصحاب في الكلي بين أن يكون الكلي من الكليات المتأصلة أو من الكليات الاعتبارية ، ومنها الأحكام الشرعية التكليفية والوضعية على ما ذكرناه (١) من أنّها من الامور الاعتبارية ، فلا مانع من استصحاب الكلي الجامع بين الوجوب والندب مثلاً ، أو من الكليات الانتزاعية كالعالم مثلاً بناءً على ما ذكرنا في بحث المشتق (٢) من أن مفاهيم
__________________
(١) في ص ٩٢ وما بعدها.
(٢) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٣٠٢.