علم في بحث حجية الخبر هو الجواب في المقام أيضاً. مضافاً إلى جواب ثالث ذكرناه في بحث حجية الخبر (١) وهو أنّ الآيات الناهية إرشادية إلى عدم العمل بالظن ، لاحتمال مخالفة الواقع والابتلاء بالعقاب ، كما في حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فلا تشمل الظن الذي يكون حجةً ببناء العقلاء ، للقطع بالأمن من العقاب حينئذ ، والعقل لا يحكم بأزيد مما يحصل معه الأمن من العقاب. وهذا الجواب أيضاً جارٍ في المقام ، نعم ما ذكره في هامش الكفاية من التمسك باستصحاب حجية الخبر لو قيل بسقوط كل من السيرة والآيات عن الاعتبار (٢) لا يجري في المقام ، لأنّ الكلام في حجية الاستصحاب ولا يمكن إثباتها بالاستصحاب ، كما هو ظاهر.
الثاني : أنّ ثبوت شيء في السابق مع الشك في بقائه موجبٌ للظن ببقائه ، وكلّ ما كان كذلك يجب العمل به.
وفيه : منع الصغرى والكبرى ، أمّا الصغرى فلأ نّه لو كان المراد هو الظن الشخصي ، فهو واضح البطلان في جميع الموارد ، ولو كان المراد هو الظن النوعي الناشئ من غلبة الأفراد ، فهو أيضاً كذلك ، إذ لا تتصور جهة جامعة بين جميع الأشياء من حيث البقاء النوعي ، فانّ البقاء النوعي لأفراد الانسان إلى مدّة كالستين سنة مثلاً ، ولا يكون البقاء النوعي لغيره من الحيوانات إلى هذه المدّة ، بل في بعضها الأقل من ذلك وفي بعضها الأكثر منه ، فليس لنا سبيل إلى إحراز غلبة البقاء في جميع الأشياء الثابتة حتى يحصل لنا الظن النوعي بالبقاء في الفرد المشكوك بقاؤه. وأمّا الكبرى فلحرمة العمل بالظن بالأدلة الأربعة على
__________________
(١) في الجزء الثاني من هذا الكتاب ص ٢٣٢.
(٢) كفاية الاصول : ٣٠٤.