يطهر من النجاسة العرضية بالتطهير الشرعي ، وبالجملة بعد الحكم بكونه طاهراً بالتعبد الشرعي يدخل تحت العمومات الدالة على أنّ المتنجسات تطهر بوصول المطر أو الماء الجاري إليها ، فلا مجال لجريان استصحاب الكلي ، لكونه محكوماً بالأصل الموضوعي. هذا تمام الكلام في القسم الثاني من استصحاب الكلي.
وأمّا القسم الثالث : فقد يتوهم جريان الاستصحاب فيه ، بدعوى تمامية أركانه من اليقين والشك بالنسبة إلى الكلي. واختار الشيخ قدسسره (١) التفصيل بين احتمال حدوث فرد آخر مقارن مع حدوث الفرد المعلوم ، واحتمال حدوثه مقارناً مع ارتفاع الفرد الأوّل ، فقال بجريان الاستصحاب في الأوّل دون الثاني ، بدعوى أنّه في الصورة الاولى يكون الكلي المعلوم سابقاً مردداً بين أن يكون وجوده على نحو لا يرتفع بارتفاع الفرد المعلوم ارتفاعه ، وأن يكون على نحو يرتفع بارتفاع ذلك الفرد ، فيحتمل كون الثابت في الآن اللاحق عين الموجود سابقاً ، فيجري الاستصحاب فيه ، بخلاف الصورة الثانية ، فانّ الكلي المعلوم سابقاً قد ارتفع يقيناً ، ووجوده في ضمن فرد آخر مشكوك الحدوث من الأوّل ، فلا يمكن جريان الاستصحاب فيه.
والصحيح عدم جريان الاستصحاب في الصورتين ، لأنّ الكلي لا وجود له إلاّ في ضمن الفرد ، فهو حين وجوده متخصص باحدى الخصوصيات الفردية ، فالعلم بوجود فردٍ معيّن يوجب العلم بحدوث الكلي بنحو الانحصار ، أي يوجب العلم بوجود الكلي المتخصص بخصوصية هذا الفرد ، وأمّا وجود الكلي المتخصص بخصوصية فرد آخر ، فلم يكن معلوماً لنا ، فما هو المعلوم لنا قد ارتفع يقيناً ،
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٤٠.