ثمّ إنّ الفاضل التوني قدسسره (١) رد تمسك المشهور في الحكم بنجاسة الجلد المطروح باستصحاب عدم التذكية بما حاصله : أنّ عدم التذكية لازم لأمرين : الحياة ، والموت بحتف الأنف ، والموجب للنجاسة ليس هذا اللازم من حيث هو ، بل ملزومه الثاني أعني به الموت حتف الأنف ، فعدم التذكية لازم أعم لموجب النجاسة ، فهو قد يتحقق في فرض الحياة ، وقد يتحقق في فرض الموت بحتف الأنف ، ومن المعلوم أنّ ما علم ثبوته في الزمان السابق هو الأوّل ، والمفروض أنّه غير باقٍ في الزمان الثاني. نعم ، يحتمل عدم تذكية الحيوان الذي هو لازم لموته حتف أنفه ، ومن الظاهر أنّه غير متيقن الثبوت ، فلا يجري الاستصحاب فيه. والمتمسك بهذا الاستصحاب ليس إلاّكمن تمسك باستصحاب بقاء الضاحك المتحقق بوجود زيد في الدار لاثبات وجود عمرو فيها ، مع القطع بخروج زيد عنها ، وفساده غني عن البيان ، انتهى.
وأجاب عنه الشيخ قدسسره (٢) بأنّ نظر المشهور إلى أنّ الحرمة والنجاسة قد رتّبتا في الشرع على مجرد عدم التذكية ، كما يرشد إليه قوله تعالى : (إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ)(٣) الظاهر في أنّ المحرّم هو لحم الحيوان الذي لم تقع عليه التذكية ، وكذا قوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ...)(٤) وفي ذيل موثقة ابن بكير : «إذا كان ذكياً ذكّاه الذبح» (٥) وغيرها من الآيات والروايات الدالة على
__________________
(١) الوافية : ٢١٠.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٦٤١ و ٦٤٢.
(٣) المائدة ٥ : ٣.
(٤) الأنعام ٦ : ١٢١.
(٥) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلي ب ٢ ح ١.