فالمتحصل مما ذكرناه في المقام : صحة جريان الاستصحاب في الزمان مطلقاً.
المقام الثاني : في جريان الاستصحاب في غير الزمان من التدريجيات ، وهو على قسمين : لأنّ الأمر التدريجي إمّا أن يكون مثل الزمان بحيث يكون تقدّمه بالانصرام والانقضاء ، ولا يمكن اجتماع جزأين منه في زمان واحد ، بل يوجد جزء منه وينعدم فيوجد جزء آخر ، ويعبّر عنه بغير القار كالحركة والجريان والتكلم ونحوها. وإمّا أن يكون بنفسه غير منصرم وله ثبات في نفسه ، ولكنّه من حيث تقيده بالزمان يكون غير قارّ ، فكونه غير قارّ إنّما هو باعتبار قيده وهو الزمان ، كما إذا أمر المولى بالقيام إلى الظهر أو بالجلوس إلى المغرب مثلاً.
أمّا القسم الأوّل : فقد ظهر الكلام فيه مما ذكرنا في الزمان ، لأنّه إن قلنا بكون الحركة المتصلة موجوداً واحداً ، وأنّ الاتصال مساوق للوحدة ، فلا إشكال في جريان الاستصحاب فيها ، حتى بناءً على اعتبار وحدة الموضوع بالدقة العقلية فضلاً عن اعتبار الوحدة العرفية. وإن قلنا بكون الحركة مركبة من الحركات اليسيرة الكثيرة بحيث يكون كل جزء من الحركة موجوداً منحازاً عن الجزء الآخر ، فلا ينبغي الاشكال في جريان الاستصحاب فيها أيضاً ، لكون الموضوع واحداً بنظر العرف وإن كان متعدداً بالدقة العقلية.
ثمّ إنّه بناءً على ما ذكرناه (١) من عدم اختصاص حجية الاستصحاب بموارد الشك في الرافع يجري الاستصحاب في الحركة ، سواء كان الشك في بقائها مستنداً إلى الشك في المقتضي كما إذا علمنا بحركة زيد من النجف إلى الكوفة وشككنا في أنّه قاصد للحركة إليها فقط أو إلى الحلة أيضاً ، فبعد الوصول إلى الكوفة
__________________
(١) فى ص ٣٠. ٣٥.