وهذا الكلام صحيح لو تمّ المبنى المذكور ، لكنّه غير تام لما تقدّم (١) من أنّ أخبار الاستصحاب لاتختص بالشك في الرافع ، فلا مانع من جريان الاستصحاب من هذه الجهة.
نعم ، هنا جهة اخرى تقتضي عدم جريان الاستصحاب في أمثال المقام وهي أنّ الاهمال في مقام الثبوت غير معقول كما مرّ غير مرّة ، فالأمر بشيء إمّا أن يكون مطلقاً وإمّا أن يكون مقيداً بزمان خاص ولا تتصور الواسطة بينهما ، ومعنى كونه مقيداً بذلك الزمان الخاص عدم وجوبه بعده ، فأخذ الزمان ظرفاً للمأمور به ـ بحيث لا ينتفي المأمور به بانتفائه قبالاً لأخذه قيداً للمأمور به ـ مما لا يرجع إلى معنىً معقول ، فانّ الزمان بنفسه ظرف لا يحتاج إلى الجعل التشريعي ، فاذا اخذ زمان خاص في المأمور به فلا محالة يكون قيداً له ، فلا معنى للفرق بين كون الزمان قيداً أو ظرفاً ، فانّ أخذه ظرفاً ليس إلاّعبارة اخرى عن كونه قيداً ، فاذا شككنا في بقاء هذا الزمان وارتفاعه من جهة الشبهة المفهومية أو لتعارض الأدلة ، لايمكن جريان الاستصحاب لا الاستصحاب الحكمي ولا الموضوعي.
أمّا الاستصحاب الحكمي ، فلكونه مشروطاً باحراز بقاء الموضوع وهو مشكوك فيه على الفرض ، فانّ الوجوب تعلق بالامساك الواقع في النهار ، فمع الشك في بقاء النهار كيف يمكن استصحاب الوجوب ، فانّ موضوع القضية المتيقنة هو الامساك في النهار ، وموضوع القضية المشكوكة هو الامساك في جزء من الزمان يشك في كونه من النهار ، فيكون التمسك بقوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» لاثبات وجوب الامساك فيه تمسكاً بالعام في الشبهة المصداقية.
__________________
(١) في ص ٣٠ ـ ٣٥.