وأمّا الاستصحاب الموضوعي بمعنى الحكم ببقاء النهار ، فلأ نّه ليس لنا يقين وشك تعلقا بشيء واحد حتى نجري الاستصحاب فيه ، بل لنا يقينان : يقين باستتار القرص ويقين بعدم ذهاب الحمرة المشرقية ، فأيّ موضوع يشك في بقائه بعد العلم بحدوثه حتى يكون مجرىً للاستصحاب. فاذن لا شك لنا إلاّفي مفهوم اللفظ ، ومن الظاهر أنّه لا معنى لجريان الاستصحاب فيه.
ونظير المقام ما إذا شككنا في معنى العدالة وأ نّها عبارة عن ترك الكبائر فقط أو هو مع ترك الصغائر ، فاذا كان زيد عادلاً يقيناً فارتكب صغيرةً ، نشك في بقاء عدالته للشبهة المفهومية ، فلا معنى لجريان الاستصحاب الموضوعي ، لعدم الشك في شيء من الموضوع حتى يجري فيه الاستصحاب ، فانّ ارتكابه الصغيرة معلوم ، وارتكابه الكبيرة معلوم الانتفاء ، فليس هنا شيء يشك في بقائه ليجري فيه الاستصحاب. وقد صرّح الشيخ (١) قدسسره في بعض تحقيقاته بعدم جريان الاستصحاب الموضوعي في موارد الشبهة المفهومية.
وربّما يتوهّم في المقام جريان الاستصحاب في الغاية بوصف كونها غاية ، فانّ الغاية المجعولة الشرعية مشكوكة الحدوث والأصل عدم تحققها.
وفيه : أنّ استصحاب عدم تحقق الغاية بوصف كونها غايةً ليس إلاّعبارة اخرى عن استصحاب الحكم ، فان عدم الغاية بوصف كونها غايةً عبارة عن بقاء الحكم ، فاستصحابه هو استصحاب الحكم ، فيجري فيه الاشكال المتقدم ، هذا كلّه في الشبهة الحكمية مع كون الشك في الحكم ناشئاً من الشك في المفهوم أو من تعارض الأدلة.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٦٠٥ ولاحظ ٦٩٢.