بحث العام والخاص (١) من أنّه لا مانع من جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية. وأمّا الشق الثاني ، فلأ نّه لا فرق بين الجعل والمجعول إلاّبالاعتبار ، نظير الفرق بين الماهية والوجود أو الايجاد والوجود ، فلا يكون استصحاب عدم الجعل لاثبات عدم المجعول من الأصل المثبت في شيء.
فالتحقيق ما ذكره الشيخ قدسسره من جريان استصحاب عدم التكليف في المقام ، فلا تصل النوبة إلى البراءة أو الاشتغال.
بقي هنا شيء وهو أنّه لو كان الحكم مقيداً بالزمان ، وشككنا في بقاء الحكم بعد الغاية لاحتمال كون التقيد بالزمان من باب تعدد المطلوب ليبقى طلب الطبيعة بعد حصول الغاية ، فهل يجري فيه الاستصحاب أم لا؟
الظاهر جريانه مع الغض عما ذكرنا سابقاً (٢) من عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الكلية الإلهية ، والوجه في ذلك : أنّ تعلق طبيعي الوجوب بالجامع بين المطلق والمقيد معلوم على الفرض ، والتردد إنّما هو في أنّ الطلب متعلق بالمطلق وإيقاعه في الزمان الخاص مطلوب آخر ليكون الطلب باقياً بعد مضيه ، أو أنّه متعلق بالمقيد بالزمان الخاص ليكون مرتفعاً بمضيه ، وعليه فيجري فيه الاستصحاب ، ويكون من القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلي.
ومن ثمرات جريان هذا الاستصحاب تبعية القضاء للأداء وعدم الاحتياج إلى أمر جديد ، وليكن هذا نقضاً على المشهور حيث إنّهم قائلون بجريان الاستصحاب في الأحكام الكلية ، وبجريان الاستصحاب في القسم الثاني من
__________________
(١) محاضرات في اصول الفقه ٤ : ٣٦٠ وما بعدها.
(٢) في ص ٤٢ وما بعدها.