غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ، لعدم ترتبه على الشرط المذكور ، فانّ الله غني عن العالمين كفروا أم لم يكفروا ، فالجواب محذوف وهو : لن يضر الله ، وقوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ) تعليل قام مقام الجواب ، ونقل الفاء من الجواب وادخل على التعليل لقيامه مقام الجواب ، وكذا في المقام حيث إنّ الجواب يعلم مما ذكر قبل الشرط ، وهو قوله عليهالسلام «لا ، حتى يستيقن» فحذف واقيم التعليل مقامه.
ولهذا التعليل ـ وهو قوله عليهالسلام : «فانّه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشك» في بدو النظر ـ احتمالات ثلاثة :
الأوّل : أن يكون المراد من اليقين والشك في قوله عليهالسلام «ولا ينقض اليقين بالشك» هو اليقين والشك المذكورين ، أي اليقين المتعلق بالوضوء والشك المتعلق بالنوم المفروضين في كلام زرارة ، فيكون المراد لا ينقض يقينه بالوضوء بالشك في النوم.
وهذا الاحتمال بعيد جداً ، لأنّ مفاد التعليل حينئذ يكون عين الحكم المعلل به ، فيلزم التكرار المستهجن ، إذ يصير مفاد مجموع الكلام من الحكم المعلل والتعليل أنّه لا يجب الوضوء على من تيقن بالوضوء وشك في النوم ، لأنّه على يقين من وضوئه ولا ينقض يقينه بالوضوء بالشك في النوم ، ومعنى عدم نقض هذا اليقين بذاك الشك هو عدم وجوب الوضوء ، وهذا هو التكرار.
الثاني : أن يكون المراد من اليقين هو اليقين السابق ، أي اليقين المتعلق بالوضوء ، ولكنّ المراد من الشك مطلق الشك في الناقض لا خصوص الشك في النوم بالغاء الخصوصية عن الشك ، للقطع بعدم دخل خصوصية النوم في الحكم بعدم وجوب الوضوء ، فيكون المراد أنّ المتيقن بالوضوء لاينقض يقينه بالوضوء بالشك في الحدث ، سواء كان الشك في النوم أم في غيره من النواقض ، فيكون قوله عليهالسلام «لا ينقض اليقين بالشك» قاعدةً كلّيةً في باب الوضوء فقط.